الألغام... تهديد مستمر وآثار كارثية على المدنيين والقطاع الزراعي
تواجه سورية تحديات هائلة نتيجة للألغام والمخلفات الحربية التي خلفتها سنوات من النزاع المستمر.
تمثل هذه الألغام تهديداً مستمراً للمواطنين السوريين، سواء كانوا نازحين عائدين إلى ديارهم أو مزارعين يعملون في أراضيهم.
فالألغام لا تقتصر على تهديد الأرواح فقط، بل تمتد آثارها إلى الاقتصاد المحلي، وخاصة القطاع الزراعي الذي يعتمد عليه الكثيرون كمصدر رئيسي للعيش.
ومن خلال تصريحات عضو وحدة إزالة الألغام التابعة لوزارة الدفاع السورية، أحمد جمعة، نرى صورة واضحة لمعاناة المدنيين والمتخصصين في إزالة الألغام، وصعوبات العمل في هذا المجال.
الآثار الإنسانية لكوارث الألغام
وفقاً للتصريحات الواردة من أحمد جمعة، فإن نحو 12 شخصاً من فريق إزالة الألغام فقدوا حياتهم خلال الأشهر الماضية في مهماتهم، فيما فقد بين 15 إلى 20 آخرين أطرافهم.
هذه الإحصائيات تعكس الخطر الداهم الذي يواجهه العاملون في هذا المجال، الذين يعتبرون من بين أولئك الذين يقفون في الخطوط الأمامية لمحاربة هذا التهديد القاتل.
أضرار الألغام لا تقتصر على المتخصصين في إزالة المخلفات الحربية، بل تمتد لتطال المدنيين الأبرياء، وخاصة الأطفال الذين قد لا يكونون على دراية بالخطر المحيط بهم.
فقد نقل عن الباحث في «هيومن رايتس ووتش»، ريتشارد وير، تأكيده أن غياب جهود عاجلة لإزالة الألغام سيؤدي إلى المزيد من الإصابات والوفيات بين النازحين العائدين إلى ديارهم. الألغام التي لا تزال مدفونة في الأراضي السورية تشكل خطراً دائماً على حياة المدنيين، مما يجعل العودة إلى الديار أمراً محفوفاً بالمخاطر.
تأثير الألغام على القطاع الزراعي
القطاع الزراعي في سورية، الذي يعد المصدر الرئيسي للدخل في العديد من المناطق، يتأثر بشكل كبير جرّاء انتشار الألغام.
ففي ريف إدلب، على سبيل المثال، الذي يعد من أبرز المناطق التي شهدت مواجهات عنيفة، ما زالت الألغام تشكل تهديداً مستمراً للزراعة. تشير التصريحات إلى أن معظم الألغام التي تم زرعها في تلك المناطق مخصصة لاستهداف الأفراد والمركبات الخفيفة مثل تلك التي يستخدمها المزارعون.
تسبب الألغام في تدمير الأراضي الزراعية وإعاقة الإنتاج الزراعي، مما يعرض حياة المزارعين للخطر وتدمر الاقتصاد المحلي.
وفي مناطق أخرى، يعجز المزارعون عن العودة إلى أراضيهم الزراعية بسبب الخوف من انفجار الألغام التي قد تؤدي إلى إصابات خطرة أو وفاة.
ولا يقتصر تأثير الألغام على البشر فقط، بل يطال أيضاً القطاع الحيواني، إذ قد تنفجر الألغام في قطعان الأغنام والمواشي التي يتم استخدامها في الزراعة أو النقل، مما يؤدي إلى فقدان هذه الثروة الحيوانية.
صعوبات إزالة الألغام
على الرغم من جهود إزالة الألغام التي تبذل حالياً، إلا أن العملية لا تزال تواجه العديد من الصعوبات.
ومن أبرز هذه التحديات نقص الأجهزة المتقدمة اللازمة للكشف عن الألغام، وهي أجهزة يمكن أن تكشف الألغام المدفونة في عمق الأرض.
يشير جمعة إلى أن بعض الألغام قد تكون مرئية للعين المجردة، ولكن البعض الآخر يتميز بتعقيد تصميمه مما يجعل اكتشافه أمراً صعباً للغاية. تتطلب عملية إزالة الألغام جهوداً مضاعفة من الخبراء والمختصين، الذين يحتاجون إلى تقنيات حديثة وأدوات متطورة للكشف عن الألغام والحد من مخاطرها.
إضافة إلى ذلك، تؤدي الظروف الأمنية الصعبة في بعض المناطق إلى تعقيد العمليات، حيث لا يمكن الوصول إلى بعض المناطق بسهولة بسبب الصراع المستمر.
هذه العوامل تجعل من عملية إزالة الألغام عملية طويلة وشاقة، يتطلب تنفيذها تخطيطاً دقيقاً وموارد مالية وتقنية كبيرة.
المتطلبات التقنية والمعدات اللازمة
إن إزالة الألغام تتطلب معدات متخصصة وتقنيات متقدمة، مثل أجهزة الكشف عن المعادن المتطورة والروبوتات التي يمكن استخدامها في تفكيك الألغام عن بعد.
للأسف، يعاني المتخصصون في هذا المجال من نقص هذه الأدوات الضرورية، مما يجعل مهمتهم أكثر صعوبة.
كما أن الألغام التي تتمتع بتصميمات متطورة قد تحتاج إلى تقنيات متقدمة في الكشف والتعامل معها، وهي تقنيات يصعب الحصول عليها في بيئة تفتقر إلى الاستقرار الأمني والموارد.
مهمة شاقة تتطلب تكثيف الجهود
تستمر الألغام في سورية في تهديد حياة المدنيين وتدمير القطاع الزراعي، مما يمنع الاستقرار وعودة اللاجئين إلى قراهم.
ففي ظل نقص المعدات المتطورة والظروف الصعبة التي يواجهها المتخصصون في إزالة الألغام، تبقى عملية التخلص من هذه المخلفات الحربية مهمة شاقة وطويلة.
على ذلك يبدو من الضروري تكثيف الجهود المحلية والدولية لتوفير الدعم الفني والمالي لإزالة الألغام، وبالتالي توفير بيئة أكثر أماناً للمواطنين السوريين، خاصة أولئك الذين يعتمدون على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1224