طريق الموت... دير الزور- دمشق وبالعكس!
بات أهالي دير الزور والجزيرة يطلقون على طريق دير الزور دمشق وبالعكس اسم «طريق الموت» حيث لا يمر أسبوع دون حادث على الأقل، وينجم عنه وفيات وإصابات عديدة!
طريقٌ داخليٌّ ودوليٌّ
يعتبر طريق دير الزور دمشق طريقاً داخلياً يربط المحافظات الشرقية بمحافظات الداخل كحمص وحماة والساحل، إضافة إلى العاصمة دمشق، كذلك طريقاً دولياً يربط العراق بسورية، عبر معبر البوكمال.
وله أهميته الداخلية والدولية اقتصادياً وتجارياً حيث يتم عبره نقل محاصيل الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني والنفط وكذلك تبادل السلع التجارية والغذائية بين أسواق الداخل وأسواق المنطقة الشرقية، وكذلك مع العراق، لعبور صهاريج نقل النفط والشاحنات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة لنقل المنتجات والسلع تصديراً واستيراداً، بالإضافة إلى أهميته الاجتماعية والخدمية لانتقال الأهالي بين المحافظات للزيارة وللدراسة والعمل والعلاج.
الإهمال والتهميش!
رغم أهمية هذا الطريق إلا أنه مهمل، وهذا الإهمال ليس جديداً، فإهماله جزء من تهميش المنطقة الشرقية ككل، والمستمر منذ عقود.
فالطريق يفتقد لأبسط الخدمات المرورية، كالشاخصات والمنصفات والعبارات، وكذلك قلة أو انعدام الصيانة المستمرة له، وقلة مراكز ونقاط المرور، وما وجد منها كانت عبارة عن مراكز نهب وتشليح، كذلك يفتقد الخدمات الصحية الإسعافية، وإنارة المفارق، والمراقبة المستمرة.
فاكتشاف النفط وإنتاجه في دير الزور في بداية الثمانينيات، ودخول الشركات الأجنبية في استثماره، لم ينعكس إيجاباً على الطريق أو المنطقة كما يفترض، بل زادت الطين بلة، باستخدامها للبنية التحتية دون مقابل، وبما سببته من تلوث وتشويه في البيئة انعكس على حياة المواطنين، في التربة والماء والهواء وبالتالي الصحة والغذاء.
ومع ازدياد حركة الذهاب والإياب على هذا الطريق، ارتفعت نسبة حوادث السير، والتي تسببت بوفيات وإصابات كبيرة.
جشع الشركات سبب إضافي للحوادث
لعل من الأسباب المهمة لارتفاع نسبة الحوادث المرورية، وبالتالي الوفيات والإصابات، ليس الإهمال المتراكم والازدحام الكبير من الشاحنات وسيارات النقل العامة والخاصة فقط، وإنما جشع شركات النقل أيضاً، من الحسكة ودير الزور إلى دمشق وبالعكس، وسعيها إلى زيادة الربح على حساب حياة المواطنين بسبب السرعة الزائدة للسائقين لتحقيق أكبر عدد من السفرات.
يضاف إلى ذلك إهمال الصيانة للباصات، والتي تؤدي إلى كثرة الأعطال، رغم ارتفاع أسعار أجور النقل، وكذلك تشغيلها لسائقين ضعيفي الخبرة ومرافقين أحداث، مع انعدام المراقبة لهم.
بالإضافة إلى ما سبق فقد تحولت بعض هذه الشركات وبعض سائقي باصاتها إلى تجارة النفط وتهريبه من المنطقة الشرقية إلى الداخل، وهذا النفط مكرر بدائياً وليس بمصافٍ رسمية وتقنية، لكن هوامش أرباحه عالية، مما شجع على زيادة عدد السفرات من أجل الحصول على هذه المرابح من خلال زيادة السرعة لكسب الوقت، وهو ما رفع من نسبة الأعطال والحوادث معاً.
تفاقم الأمور وآخر الحوادث
تفاقمت الأمور أكثر بعد هروب الساقط، واستلام السلطات الجديدة، حيث باتت الفوضى عنواناً، وآخر حادث جرى يوم الإثنين في الأسبوع الماضي، في منطقة «كباجب» التي تبعد عن دير الزور باتجاه تدمر نحو 70 كم، بين باص لشركة «نور الفرات» وشاحنة أنتر، وذهب ضحيته السائقون واثنان آخران، منهما شابة بعمر الورد، إضافة إلى إصابة نحو عشرة من ركاب الباص بإصابات مختلفة.
ما العمل؟
لا شك أن توسعة الطريق وتحويله إلى أوتوستراد وطريق «دولي حقيقي» بمتطلباته كافة لن يتم بين يوم وليلة، فذلك سيكون مرتبطاً بمشاريع إعادة الإعمار التنموية والضرورية للمنطقة.
لكن من الضروري والممكن مرحلياً، وبتكاليف محدودة نسبياً، إجراء صيانة سريعة للطريق، ووضع شاخصات مرورية كافية، وفرض رقابة حازمة على شركات النقل والشحن، وتسيير دوريات مراقبة مرورية للسرعات، وتسيير سيارات إسعاف، ليلاً ونهاراً، مع نقاط طبية ثابتة، بما يخفف من نسبة الحوادث، ويزيد من إمكانات تقديم الإسعافات الأولية للمصابين وإنقاذ حياتهم.
فهل سنشهد استجابة سريعة من الحكومة الحالية للتقليل من الحوادث على هذا الطريق وتفاديها، أم ستبقى الأمور كما يقول المثل الشعبي «تيتي... تيتي».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1223