الألغام في سورية... تهديد قاتل لأكثر من نصف السكان
في الثالث من نيسان من كل عام، يحيي العالم اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام، وهي قضية لا تزال تمثل تهديداً قاتلاً لملايين الأشخاص حول العالم.
فوفقاً للأمين العام للأمم المتحدة، يواجه أكثر من 100 مليون شخص خطر الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع. وتظل هذه التهديدات قائمة حتى بعد انتهاء النزاعات، حيث تستمر في قتل وإصابة المدنيين وتعرقل جهود التنمية والإعمار.
سورية أحد أكثر البلدان تضرراً
صدر بيان من ستيفان ساكاليان، مدير بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية، بمناسبة اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام تحت عنوان: «اليوم العالمي للتوعية بمخاطر الألغام: التصدي لتهديد الذخائر المتفجرة في سورية»، تتضمن بعض المعلومات والأرقام.
ففي سورية، وبعد أربعة عشر عاماً من النزاعات المسلحة، لا تزال الألغام الأرضية والمخلفات المتفجرة تهدد حياة المدنيين يومياً.
ومع عودة المزيد من النازحين إلى ديارهم بعد سنوات من النزوح، تتزايد المخاطر بشكل كبير، خاصة في ظل انتشار الذخائر غير المنفجرة في المناطق الريفية والحضرية على حد سواء.
أرقام صادمة... الأطفال في مقدمة الضحايا
شهدت سورية منذ كانون الأول 2024 ارتفاعاً مأساوياً في عدد الضحايا بسبب الذخائر المتفجرة.
فقد تم الإبلاغ عن 748 إصابة بين ذلك التاريخ والخامس والعشرين من آذار من العام الجاري، بينها أكثر من 500 إصابة منذ بداية العام فقط.
للمقارنة، كان العدد الإجمالي للإصابات خلال عام 2024 نحو 912 إصابة.
الأطفال هم الفئة الأكثر تضرراً، إذ لقي العديد منهم حتفهم أثناء اللعب في درعا وحماة، فيما تعرضت النساء للإصابات أثناء جمع الحطب أو الخردة المعدنية في دير الزور وإدلب، كما أصيب المزارعون أثناء العمل في أراضيهم في دوما.
وبوجه عام، يواجه أكثر من نصف سكان سورية مخاطر مميتة يومياً، ويُعد الأطفال الأكثر عرضة للخطر، حيث إن واحداً من كل ثلاثة ضحايا للذخائر المتفجرة هو طفل.
التأثيرات تتجاوز الإصابات المباشرة
لا يقتصر تأثير الألغام والذخائر غير المنفجرة على فقدان الأرواح أو التسبب في الإعاقات الدائمة، بل تمتد تداعياتها إلى مختلف جوانب الحياة.
فالمجتمعات المحلية تواجه صعوبات في الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم بسبب المخاوف من التنقل في المناطق الملوثة بالمتفجرات.
كما يعاني المزارعون من الخوف من زراعة أراضيهم أو تربية المواشي، ما يفاقم من أزمة الأمن الغذائي في البلاد.
أسباب تفاقم الأزمة
يرتبط التصاعد الأخير في عدد الضحايا بعدة عوامل، من بينها:
المركبات العسكرية المهجورة التي قد تحتوي على ذخائر غير منفجرة، مما يعرض المدنيين للخطر عند الاقتراب منها.
مخزونات الذخائر المهملة، فانتشارها في المناطق المختلفة يزيد من فرص وقوع حوادث مميتة.
الضربات العسكرية المعادية الأخيرة، والتي أدت إلى انتشار المزيد من الذخائر القاتلة في مختلف المناطق.
عودة النازحين، ودخولهم المناطق غير الآمنة، وبسبب غياب التوعية، يزيد من احتمالية التعرض للمتفجرات.
الأزمة الاقتصادية التي دفعت العديد من السكان إلى جمع الخردة المعدنية، بما فيها بقايا المتفجرات، لكسب لقمة العيش.
غياب برنامج شامل لمكافحة الألغام، حيث يضطر المدنيون إلى محاولة إزالة المتفجرات بأنفسهم في بعض الأحيان، ما يعرضهم لمخاطر جسيمة.
ضرورة التوعية والعمل المشترك
في ظل هذه الأزمة، تؤكد اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أهمية التوعية بمخاطر الألغام وتعزيز سبل العيش الآمنة وزيادة جهود إزالة الذخائر غير المنفجرة.
كما تدعو إلى توفير المزيد من الموارد والمعدات اللازمة لحماية المدنيين.
دور السلطات المحلية والمنظمات الدولية
لا يمكن لمؤسسات الإغاثة الدولية وحدها مواجهة هذا التحدي.
لذلك، من الضروري أن تدعم السلطات السورية جهود مكافحة الألغام، بما في ذلك إنشاء هيئة وطنية متخصصة، إلى جانب مركز وطني لتنسيق عمليات إزالة المتفجرات.
نحو مستقبل خالٍ من التهديدات
إزالة الألغام وتوعية السكان هما خطوتان أساسيتان نحو إعادة بناء سورية وضمان عودة آمنة للنازحين.
فمع تضافر الجهود بين السلطات المحلية، والمنظمات الإنسانية، والمجتمع الدولي، يمكن إنقاذ الأرواح وإعادة الأمل إلى المجتمعات التي عانت طويلاً من ويلات الحرب.
إن العمل الجماعي والمستدام في هذا المجال ليس مجرد ضرورة إنسانية، بل هو خطوة حتمية نحو تحقيق السلام والاستقرار الدائمين.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1221