الهروب المستمر... لماذا ما زال السوريون يخاطرون بحياتهم عبر البحار؟

الهروب المستمر... لماذا ما زال السوريون يخاطرون بحياتهم عبر البحار؟

ألقت قوات خفر السواحل السورية، بحسب ما أفادت به وسائل إعلام محلية، القبض على قارب في المياه الإقليمية كان على متنه أكثر من 30 مدنياً يحاولون الفرار إلى إحدى الدول المجاورة بطريقة غير شرعية.

الحادثة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة على ما يبدو، لكنها تسلط الضوء مجدداً على واقع لا يزال قائماً منذ أكثر من عقد، واقع سوري طارد لأبنائه، يدفعهم إلى البحث عن النجاة بأي ثمن، ولو في عرض البحر.

بلد يطرد أبناءه

أن يسعى العشرات، وربما المئات يومياً، إلى مغادرة البلاد بطرق محفوفة بالمخاطر، فهذا ليس مجرد تفصيل في مشهد متكرر، بل هو مؤشر خطر على أن البيئة الداخلية في سورية ما زالت عاجزة عن توفير الحد الأدنى من الأمان أو الكرامة لمواطنيها.
وعلى الرغم من تراجع العمليات العسكرية في الكثير من المناطق، إلا أن آثار الحرب ما تزال حاضرة بوضوح (وضع أمني قلق).

اللاجئ بين المطرقة والسندان

يعرف السوري الذي يركب البحر جيداً أن المصير قد يكون الموت غرقاً أو القبض عليه وترحيله، أو حتى الاستغلال من قبل شبكات التهريب.
ومع ذلك، تظل هذه الخيارات أقل قسوة– في نظره– من واقع لا يوفر له فرصة حقيقية للحياة.
وبالنسبة لكثيرين، فإن الحلم بالوصول إلى بر الأمان في أوروبا أو أي دولة جارة أقل ضغطاً، لم يعد رفاهية بل ضرورة وجودية.

أمل معلق في المنافي

لم تكن وجهات السوريين يوماً مجرد أمكنة جديدة، بل كانت دوماً محاولة لإعادة بناء الذات.
في المخيمات، في ضواحي المدن الأوروبية، وحتى في قوارب الموت، يحاول السوري أن يبدأ من الصفر، أن يتنفس بحرية، أن يعمل ويؤسس حياة بسيطة خالية من الخوف اليومي من الموت أو الفقر المدقع أو القمع.

سردية البحث عن وطن مستمرة

الهجرة غير الشرعية ليست خياراً رومانسياً، بل صرخة من جرح مفتوح، ونداء استغاثة من مواطنين يطالبون بحقهم في الحياة الكريمة.
وما لم تتغير الظروف التي دفعتهم إلى البحر، ستظل القوارب تتكرر، وستبقى الأخبار مثل تلك التي نقلتها وسائل الإعلام السورية مشهداً مألوفاً في سردية شعب لم يتعب من البحث عن وطن، ولو في المنافي.

مسؤوليات غائبة وحلول غامضة

يبقى السؤال الذي يتكرر منذ سنوات: متى تتوقف سورية عن تصدير أبنائها إلى المنافي؟
الجواب لا يبدو قريباً في ظل غياب أي حلول سياسية حقيقية وشاملة تعيد الأمن والكرامة إلى البلاد، وتفتح الباب أمام العدالة والمحاسبة، فضلاً عن إعادة الإعمار وإحياء الاقتصاد.
فالهروب لن يتوقف طالما أن الظروف التي فرضته ما زالت قائمة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1221