أزمة أدوية السرطان وضرورة الحلول المستدامة بدلاً من الاستغاثة المستمرة
تواجه سورية أزمة حادة ومزمنة في توافر أدوية السرطان، مما يهدد حياة آلاف المرضى في جميع أنحاء البلاد.
بتاريخ 26 آذار 2025، أطلقت وزارة الصحة السورية نداء استغاثة عاجل لتوفير هذه الأدوية الأساسية، محذرة من كارثة صحية وإنسانية وشيكة.
ورغم أهمية هذه النداءات وضرورتها في ظل الظروف الحالية، إلا أن الحل المستدام لا يمكن أن يكون في استمرار الاستجداء والاعتماد على المساعدات، بل يتطلب دوراً فاعلاً من الدولة والحكومة ووزارة الصحة بالتعاون مع المعامل الوطنية، سواء العامة أو الخاصة، لإنتاج أدوية السرطان محلياً، إلى جانب الأدوية الحيوية الأخرى، خاصة لعلاج الأمراض الخطرة والمزمنة.
واقع مرضى السرطان في سورية
يعيش مرضى السرطان في سورية ظروفاً صعبة تتسم بندرة الأدوية، وارتفاع تكاليف العلاج، وضعف الخدمات الطبية.
يضطر العديد من مرضى السرطان إلى الانتظار إلى شهور طويلة للحصول على الجرعات اللازمة، بينما يلجأ البعض إلى شراء أدوية مهربة بأسعار باهظة، ما يعرضهم لخطر الأدوية المغشوشة وغير المضمونة.
ومع نقص الأسرّة في المستشفيات العامة المتخصصة، يواجه المرضى معاناة مضاعفة، في ظل أزمة اقتصادية خانقة تجعل العلاج الفعّال في المشافي الخاصة والمكلفة خارج متناول الكثيرين.
التحديات المالية للمرضى الفقراء
تشكل تكلفة علاج السرطان عبئاً ثقيلاً على الأسر ذات الدخل المحدود والمفقرة، حيث ارتفعت أسعار الجرعات إلى مستويات غير مسبوقة، ما يجعل الحصول على العلاج أمراً شبه مستحيل بالنسبة للكثيرين.
كما أن غياب برامج دعم حقيقية ومستدامة تزيد من معاناة المرضى، الذين يواجهون خطر تدهور حالتهم الصحية بسبب عدم القدرة على الاستمرار في العلاج.
الحاجة إلى تصنيع أدوية السرطان محلياً
للحد من الأزمة وتقليل الاعتماد على الاستيراد المكلف، من الضروري العمل على تعزيز تصنيع أدوية السرطان داخل سورية.
فرغم افتتاح أول مصنع محلي لإنتاج هذه الأدوية في عام 2019، إلا أن الإنتاج لا يزال غير كافٍ لتلبية الطلب المتزايد.
على ذلك فإن دعم هذه المبادرات وتوسيع نطاقها بات ضرورة ملحة لضمان توفر العلاج لجميع المرضى بأسعار مقبولة.
دعم المعامل الوطنية وتذليل الصعوبات
إن النهوض بصناعة الأدوية، خاصة لعلاج الأمراض الخطرة، يتطلب جهوداً متكاملة تشمل:
توفير التمويل من خلال دعم المصانع الوطنية بقروض ميسرة وتسهيلات مالية لتطوير الإنتاج.
تحديث البنية التحتية عبر تزويد المصانع بالتقنيات الحديثة والمعدات اللازمة لضمان جودة الأدوية.
تدريب الكوادر وتأهيل العاملين في مجال تصنيع الأدوية وفق المعايير الدولية.
تسهيل الإجراءات وتبسيط عمليات تسجيل الأدوية ومنح التراخيص لتسريع الإنتاج.
ضرورة تخفيض التكاليف لضمان استدامة الإنتاج
يمكن تحقيق ذلك عبر:
الإعفاءات الضريبية ومنح حوافز ضريبية للمصانع المحلية المنتجة للأدوية الحيوية.
دعم المواد الخام وتوفيرها بأسعار مدعومة لضمان إنتاج مستدام وبأسعار مناسبة.
تعزيز الشراكات من خلال التعاون مع شركات عالمية لنقل التكنولوجيا وتطوير الصناعة الدوائية المحلية.
نحو سياسة دوائية وطنية مستقلة
لا يمكن لسورية أن تبقى رهينة نداءات الاستغاثة والمساعدات الخارجية لتأمين الأدوية الأساسية.
لذلك لا بد من تبني سياسة دوائية وطنية تعتمد على التصنيع المحلي، لضمان الأمن الدوائي، وتخفيف الأعباء عن المرضى، وتأمين علاج مستدام للسرطان والأمراض المزمنة.
ويتطلب تحقيق هذا الهدف تكاتف الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص، وتحويل قطاع صناعة الأدوية إلى أولوية وطنية، لضمان حصول كل مريض على العلاج اللازم في الوقت المناسب.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1220