تعديل تعرفة الكهرباء بين دعم الصناعة وإثقال كاهل المواطنين

تعديل تعرفة الكهرباء بين دعم الصناعة وإثقال كاهل المواطنين

في خطوة أثارت الجدل، أعلن وزير الكهرباء في حكومة تسيير الأعمال، عمر شقروق، خلال مؤتمر صحفي عُقد في 20 آذار في وزارة الإعلام، عن تعرفة جديدة للكهرباء سيتم الإعلان عنها قريباً، مع تركيز واضح على تخفيف العبء عن القطاع الصناعي، دون أي إشارة إلى تخفيف الأعباء عن الاستهلاك المنزلي.

هذا الإعلان جاء في وقت يعاني فيه المواطنون من أزمات اقتصادية متزايدة، ما يثير تساؤلات حول مدى عدالة توزيع الدعم في القرارات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة.

إيجابيات القرار للصناعة المحلية

تخفيض التعرفة الكهربائية للقطاع الصناعي يمثل خطوة إيجابية من شأنها دعم الاقتصاد الوطني، حيث إن تكلفة الطاقة تُعد أحد أبرز التحديات التي تواجه المصانع والمعامل، والقطاعات الإنتاجية عموماً.
ومن خلال خفض هذه التكاليف، يُتوقع أن يتحسن الإنتاج المحلي، مما قد ينعكس على أسعار المنتجات في الأسواق، ويعزز من القدرة التنافسية للصناعة الوطنية في مواجهة المنتجات المستوردة.
العديد من الصناعيين وأصحاب المعامل رحبوا بهذه الخطوة، مؤكدين أنها ستساعد في الحفاظ على خطوط الإنتاج، وتمنع توقف بعض المصانع التي كانت على وشك الإغلاق بسبب ارتفاع التكاليف التشغيلية. كما أن ذلك قد يُحفز الاستثمار في القطاع الصناعي، مما يخلق فرص عمل جديدة ويحد من البطالة.

العبء الأكبر على المواطنين

في المقابل، لم يأتِ الوزير على ذكر أي إجراءات لتخفيف العبء عن المواطنين، ما يثير المخاوف من أن التعرفة الجديدة ستؤدي إلى زيادة أسعار الكهرباء المنزلية.
وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها المواطنون، فإن أي زيادة في فواتير الكهرباء ستعمق من معاناة الأسر ذات الدخل المحدود والمفقرة، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وضعف القدرة الشرائية.
يعيش المواطن اليوم تحت وطأة ارتفاع الأسعار في مختلف القطاعات، من الغذاء إلى النقل والتعليم، وزيادة أسعار الكهرباء ستفاقم الأزمة المالية التي ترهق ميزانيات الأسر.
وعوضاً عن أن يكون هناك توازن بين دعم الصناعة وحماية المستهلك، يبدو أن الحكومة اختارت نهجاً يميل إلى صالح القطاع الصناعي دون مراعاة المواطنين الذين يشكلون الشريحة الأكبر من المستهلكين.

مخاوف من انعكاسات غير مباشرة

على الرغم من أن الهدف المعلن من القرار هو دعم القطاع الصناعي، إلا أن هناك مخاوف من أنّ تخفيض تكاليف الإنتاج قد لا ينعكس بالضرورة على انخفاض أسعار السلع.
فمن غير المضمون أن يلتزم الصناعيون بتمرير هذا التوفير إلى المستهلك، خاصة مع استمرار ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج الأخرى، مما يعني أن المواطن قد يجد نفسه يتحمل زيادة في أسعار الكهرباء دون أي تعويض في أسعار السلع والخدمات.

الحاجة إلى حلول متوازنة

في ظل هذا المشهد، تبدو الحاجة ملحة لسياسات اقتصادية أكثر توازناً، بحيث يتم دعم الصناعة دون إلحاق ضرر بالمواطنين.
يمكن للحكومة أن تقدم دعماً مباشراً للقطاعات الصناعية لكن ليس عبر تمويلها على حساب المواطن، مع إيجاد آليات لتعويض الأسر المفقرة وذات الدخل المحدود من خلال برامج دعم موجهة.
كذلك من الضروري أن تكون هناك شفافية في تحديد أسعار الكهرباء وآلية احتسابها، بحيث لا يشعر المواطن أنه الحلقة الأضعف في معادلة الإصلاح الاقتصادي.
كما أن الحكومة مطالبة بتوضيح الأسباب الحقيقية وراء هذه الزيادة، وهل هي نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج، أم بسبب سياسات إعادة توزيع الدعم أو إنهائه.

المواطن هو المتضرر الأكبر

يبقى القرار الجديد مثيراً للجدل، فقد يكون مفيداً للقطاع الصناعي، لكنه في الوقت ذاته يشكل عبئاً إضافياً على المواطنين.
ومع استمرار التحديات الاقتصادية، فإن الحاجة إلى قرارات أكثر إنصافاً أصبحت أمراً لا بد منه، حتى لا يتحمل المواطن وحده ذريعة تكلفة دعم قطاعات أخرى.
ستكشف الأيام القادمة المزيد من التفاصيل حول التعرفة الجديدة المزمعة، لكن حتى الآن، يبدو أن المواطن العادي هو المتضرر الأكبر.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1219