نحو نظام ضريبي أكثر عدالة في سورية
يمثل النظام الضريبي أحد أهم أدوات السياسة المالية في أي دولة، حيث يُعتمد عليه في تحقيق التوازن بين الإيرادات الحكومية والإنفاق العام، إضافة إلى دوره في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية.
في سورية، برزت الحاجة الملحة إلى إعادة النظر في النظام الضريبي القائم، بما يضمن عدالة أكبر في توزيع العبء الضريبي، ويحفز النمو الاقتصادي، ويراعي الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطنون، خاصة أصحاب الأجور المحدودة والمفقرين.
إعادة النظر في النظام الضريبي الحالي
تشير النقاشات الأخيرة بين القائمين على السياسة المالية في سورية وممثلي الفعاليات الاقتصادية إلى ضرورة إجراء تعديلات شاملة على النظام الضريبي، تشمل:
إعادة دراسة الضرائب المفروضة، مثل ضرائب المجهود الحربي، وطابع الشهيد، وإعادة الإعمار، والبيوع العقارية، وضرائب الرواتب والأجور، حيث يتم تخفيض الأعباء على الفئات الأقل دخلاً وزيادة المساهمة الضريبية للفئات الأكثر قدرة.
إصلاح الاستعلام الضريبي الذي اعتبره التجار والصناعيون «مجحفاً وجائراً»، واستبداله بآليات أكثر شفافية وعدالة مثل قسم مكافحة التهرب الضريبي، بما يضمن تحقيق الإيرادات دون فرض إجراءات تعسفية.
تعزيز التحول الرقمي في الإدارة الضريبية لتبسيط الإجراءات وتحسين الخدمات المالية، مما يساهم في مكافحة الفساد وتخفيف الأعباء عن المكلفين.
أهمية العدالة الضريبية
يعتبر تحقيق العدالة الضريبية أحد الأهداف الأساسية لأي نظام ضريبي ناجح، حيث ينبغي أن يكون تصاعدياً بحيث يتحمل أصحاب الأرباح العالية نسبة أكبر من الضرائب، بينما تكون الضرائب منخفضة على ذوي الدخل المحدود.
في السياق السوري، فإن فرض ضرائب مرتفعة على ذوي الأجور المنخفضة يؤدي إلى تراجع القدرة الشرائية، ويؤثر سلباً على مستوى المعيشة، بينما يساهم فرض ضرائب تصاعدية على الأرباح الكبيرة في تحقيق العدالة وتعزيز الإيرادات العامة للدولة.
الموارد الضريبية وأهميتها في التنمية
تعتبر الضرائب المصدر الأساسي للإيرادات الحكومية، وبالتالي فإن حسن إدارتها وتوظيفها يعد أمراً حيوياً لتحقيق التنمية المستدامة.
وبهذا السياق ينبغي توجيه الموارد الضريبية نحو تحسين الخدمات العامة مثل التعليم والصحة، وتعزيز مشاريع البنية التحتية، مما يخلق بيئة اقتصادية ملائمة لجذب الاستثمارات وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.
إدارة النفقات العامة بكفاءة
لا يكفي فقط تحسين النظام الضريبي لزيادة الإيرادات، بل يجب التركيز على حسن إدارة هذه الإيرادات وضبط الإنفاق العام، بحيث يتم توجيهه إلى القطاعات ذات الأولوية بدلاً من الهدر أو سوء التوزيع.
فمن خلال تعزيز الشفافية في الإنفاق، يمكن تحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المرجوة.
نحو نظام ضريبي متوازن وعادل
إن إصلاح النظام الضريبي في سورية يجب أن يتم وفق رؤية شاملة توازن بين تحقيق الإيرادات اللازمة للدولة وبين تخفيف العبء على المواطنين.
ولتحقيق ذلك، يجب العمل على:
إقرار ضريبة تصاعدية عادلة تراعي الفئات ذات الدخل المحدود، وتفرض ضرائب أعلى على أصحاب الأرباح الكبيرة.
إلغاء أو تخفيض الضرائب التي تؤثر سلباً على الفئات الفقيرة والمتوسطة، مثل بعض الضرائب غير المباشرة التي ترفع الأسعار وتقلل من القدرة الشرائية.
تعزيز الشفافية والعدالة في عمليات التحصيل الضريبي عبر تطبيق أنظمة رقمية حديثة تضمن رقابة أفضل وتحد من التهرب الضريبي.
تحسين إدارة الإيرادات العامة لضمان توجيهها نحو مشاريع تنموية تعود بالفائدة على المجتمع ككل.
إن تبني نظام ضريبي أكثر عدالة وفعالية سيعزز الثقة بين الدولة والمواطن، وسيساهم في تحسين الوضع الاقتصادي، وتحقيق الاستقرار المالي، ورفع مستوى الخدمات المقدمة للمجتمع، وهو ما تحتاجه سورية في ظل المرحلة الراهنة التي تتطلب إصلاحات جذرية تعيد بناء الاقتصاد على أسس سليمة ومستدامة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1216