المجتمع المدني ودوره... تكامل لا ازدواجية مع الدولة
تُعد مبادرات المجتمع المدني من ركائز التنمية المستدامة، حيث تلعب الجمعيات والمنظمات الأهلية دوراً مهماً في تحسين الخدمات العامة وتعزيز رفاه المواطنين.
تأتي هذه الجهود في ظل تحديات كبيرة تواجهها بعض المدن، مثل حلب، التي يسعى رجال أعمالها وصناعيوها إلى المساهمة في دعم البنية التحتية والخدمات من خلال إنشاء صناديق تنموية، مثل «صندوق لعيونك حلب».
ومع ذلك، يظل من الضروري تحديد طبيعة دور المجتمع المدني وحدوده، خاصة في المجالات الحساسة، مثل الأمن، التي يجب أن تبقى مسؤولية الدولة الحصرية.
فبحسب ما نشر عن الصندوق المعلن عنه أعلاه: «تأتي باكورة أعمال هذا الصندوق في تمويل مشروع إنشاء وإدارة غرفة مراقبة وتحكم مركزية في مدينة حلب، بهدف ضبط الحالة الأمنية ومنع وقوع الجرائم بمختلف أشكالها».
أهمية المجتمع المدني في التنمية الخدمية
يعتبر المجتمع المدني شريكاً أساسياً في التنمية، فدور المجتمع المدني مكمل لدور الدولة، حيث يعمل على سد بعض الفجوات التي قد تواجهها الخدمات الحكومية، دون أن يكون بديلًا لها، حيث يسهم عادة في:
دعم الخدمات الأساسية مثل الصحة، التعليم، النظافة العامة، والبنية التحتية.
تأمين فرص عمل وتعزيز الاستقرار الاجتماعي من خلال المشاريع الاقتصادية والتنموية.
تحسين مستوى المعيشة عبر مبادرات محلية تستجيب للاحتياجات الفعلية للسكان.
خلق قنوات تواصل بين المواطنين والجهات الرسمية لتعزيز الثقة.
حدود دور المجتمع المدني في المجالات السيادية
إن إشراك المجتمع المدني في بعض المجالات التنموية قد يكون إيجابياً، لكن هناك مهام سيادية لا يجب أن تخرج عن نطاق الدولة، وعلى رأسها الأمن.
فالطرح الذي يسمح للمنظمات الأهلية بالدخول في مهام ضبط الأمن يحمل الكثير من الإشكالات، منها:
ازدواجية السلطات التي قد تؤدي إلى تنازع الصلاحيات بين الدولة والجهات الأهلية، مما يخلق حالة من الفوضى القانونية والإدارية.
غياب المساءلة، فالأجهزة الأمنية الرسمية تخضع لرقابة الدولة ومحاسبتها، بينما قد لا تتمتع الكيانات الأهلية بالمستوى نفسه من الضبط والمساءلة.
إمكانية الاستغلال السياسي أو الاقتصادي، ففتح المجال لضبط الأمن من قبل جهات غير حكومية قد يؤدي إلى استغلال هذا النفوذ بطرق غير صحيحة.
التوازن بين أدوار الدولة والمجتمع المدني
الحل الأمثل يكمن في تكامل الأدوار لا ازدواجيتها. فبينما تعمل الدولة على حفظ الأمن وضبط النظام العام، يمكن للمجتمع المدني أن يساهم في:
دعم السلطات في نشر الوعي الأمني والمجتمعي.
تمويل مشاريع تعزيز البنية التحتية الأمنية مثل كاميرات المراقبة، لكن تحت إشراف الدولة.
تقديم المساعدة في إعادة تأهيل الفئات المتضررة من الجريمة والعنف، دون التورط في تنفيذ مهام أمنية مباشرة.
ضرورة الوضوح في توزيع المهام بين الدولة والمجتمع
رغم أهمية مساهمة المجتمع المدني في دعم الجهود التنموية، يظل دور الدولة في تقديم الخدمات العامة وحفظ الأمن أمراً لا يمكن الاستغناء عنه.
فأي محاولة لمنح المنظمات الأهلية صلاحيات أمنية أو سلطات تنفيذية قد تحمل مخاطر تفوق الفوائد، مما يستدعي وضوحاً في توزيع المهام بين الدولة والمجتمع المدني لضمان تحقيق التنمية دون المساس بالاستقرار أو القانون.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1215