استمرار توقيف الأجور التقاعدية

استمرار توقيف الأجور التقاعدية

في ظل تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي تشهدها سورية، أصبح توقيف صرف أجور المتقاعدين قضية حساسة تهدد حياة هذه الفئة التي تعتبر من الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع.

ففي قرار صدر من حكومة تسيير الأعمال بتاريخ ١٣ شباط الحالي، تقرر تشكيل لجنة وزارية لدراسة ملف التقاعد بكل تفاصيله (المدني والعسكري) ومُنحت هذه اللجنة مهلة شهر لرفع نتائج عملها إلى رئاسة مجلس الوزراء.
القرار أعلاه يعني أن المتقاعدين ما زالوا ينتظرون مصير أجورهم التي توقفت منذ ثلاثة أشهر، في حين يتواصل الضغط المعيشي عليهم كشريحة تُعد من أصحاب الحقوق المصونة قانوناً كما يفترض.

تفاقم الوضع المعيشي الهش والضعيف سلفاً

يشكل توقيف الأجور عبئاً ثقيلاً على المتقاعدين الذين يعتمدون على هذه المبالغ، رغم ضآلتها، كمصدر رئيسي للدخل.
فمع ارتفاع تكاليف المعيشة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، يواجه هؤلاء استحالة تغطية احتياجاتهم الأساسية، مثل الغذاء والدواء والسكن، مما يزيد من فقرهم وعوزهم.
فتأخير صرف الأجور التقاعدية لا يعني اهتزاز الاستقرار المالي لهؤلاء مما يؤثر سلباً على قدرتهم على إدارة مصروفاتهم فقط، بل يجعل من الاستحالة بالنسبة إليهم تأمين احتياجات الحياة اليومية، مع ما يعنيه ذلك من تداعيات سلبية على الصحة النفسية والجسدية لهم.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأجور التقاعدية تُعد من الحقوق الدستورية والقانونية التي يجب الحفاظ عليها كجزء من مبادئ العدالة الاجتماعية. على ذلك فإن توقيفها يثير تساؤلات حول جدية حكومة تسيير الأعمال في حماية حقوق المواطنين، ما يؤدي إلى فقدان الثقة بالمؤسسات الحكومية، ويزيد من الاستياء الشعبي في ظل الأزمات المستمرة.
فاستمرار هذه المشكلة من دون حل فوري سيساهم في زيادة الضغوط الاجتماعية، حيث تُعتبر شريحة المتقاعدين من الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع. ومع غياب السياسات الفعالة التي تعالج الأوضاع الاقتصادية، يصبح من الصعب تقديم الدعم الكافي لهم، مما يدفع إلى انتشار الشعور بالإحباط والظلم بين المتقاعدين وعائلاتهم.

ضرورة اتخاذ إجراءات فورية

من المؤكد أن توقيف أجور المتقاعدين ليس الحل الأمثل لمعالجة الملف الخاص بهم، بل يجب البحث عن بدائل تضمن استمرارية صرف هذه الأجور كحقوق، بالتوازي مع دراسة الملف بشكل يحقق العدالة المنشودة بين جميع الأطراف.
على ذلك كان من الأفضل استمرار صرف الأجور في ظل المراجعة والتقييم الموازية للملف، وذلك لتفادي تداعيات اجتماعية واقتصادية أكبر على الفئات الضعيفة، فوقف صرف أجور المتقاعدين في ظل الظروف الراهنة يُعد خطوة تحمل تبعات سلبية جسيمة على المستويين الفردي والمجتمعي.
مع التأكيد على أن ضمان استمرارية هذه الحقوق المصانة دستورياً وقانوناً ليس مجرد مسألة مالية، بل هو التزام أخلاقي واجتماعي يجب على الدولة الوفاء به، خاصة في أوقات الأزمات والتحديات الاقتصادية، وعلى الحكومة أن تضع في اعتبارها أن أي تأخير أو توقف في صرف هذه الأجور يزيد من معاناة الفئات الأكثر ضعفاً، ويؤثر سلباً على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في سورية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1215