تغذية المصارف بالعملة من الفئات الصغيرة والانعكاسات الاقتصادية
أعلن مصرف سورية المركزي عن تهيئة الأجواء لتغذية المصارف العامة والخاصة بالعملة السورية من الفئات النقدية (1000- 500- 200- و100) ليرة بهدف تلبية احتياجات السحب والتحويلات المصرفية.
يأتي هذا القرار في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعاني منها البلاد، حيث يشهد الاقتصاد السوري تذبذباً في قيمة الليرة وارتفاعاً في معدلات التضخم.
فما هي الدوافع وراء هذا الإجراء، وما هي تأثيراته المحتملة على الاقتصاد والمواطن، وما هي الصعوبات التي ستواجه التعاملات النقدية في الأسواق؟
الدوافع المحتملة للقرار
يبدو ان المصرف المركزي يهدف لتحسين السيولة النقدية من خلال ضمان توفر النقد في فروع المصارف العاملة لتلبية طلبات السحب والتحويلات المالية. مع ما يتبع ذلك ربما من رغبة في تحفيز النشاط الاقتصادي عبر ضخ السيولة النقدية التي يمكن أن تسهم في تسهيل عمليات البيع والشراء وتحريك العجلة الاقتصادية، وربما للتغطية والتخفيف من أزمة شح السيولة التي تعاني منها البلاد بسبب السياسات المالية والنقدية المتبعة، حيث قد يكون هذا القرار دافعاً لمعالجة هذه المشكلة أيضاً.
الآثار السلبية على الاقتصاد والمواطن
إذا كانت هذه السيولة النقدية التي سيتم طرحها ناتجة عن طباعة جديدة دون غطاء إنتاجي، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار بشكل متسارع، مما يضعف القدرة الشرائية للمواطنين أكثر مما هي عليه، مع زيادة في معدلات التضخم.
ومع تزايد التضخم، ستفقد المدخرات قيمتها الحقيقية، مما يدفع المواطنين إلى البحث عن وسائل أخرى للحفاظ على أموالهم، مثل شراء الدولار أو الذهب.
بالإضافة الى ذلك فإن أي زيادة غير مدروسة في المعروض النقدي يمكن أن تضغط على سعر الصرف، ما يؤدي إلى مزيد من التراجع في قيمة الليرة.
كذلك فإن توفر السيولة قد يؤدي إلى زيادة طلب المواطنين على سحب أموالهم بدلاً من تركها في المصارف، مما يفاقم من أزمة الثقة بالنظام المصرفي المهزوزة أصلاً.
ومع تراجع الثقة بالليرة، قد يتزايد اعتماد المواطنين والتجار على الدولار والعملات الأجنبية في معاملاتهم اليومية، أي مزيد من انتشار الدولرة.
صعوبات في التعامل بالأسواق بالفئات النقدية الصغيرة
مع ضخ كميات كبيرة من الفئات الصغيرة مثل 100 و200 ليرة، ستظهر عدة مشاكل عملية في التداول النقدي، منها:
حاجة المواطنين لحمل كميات ضخمة من الأوراق النقدية، وذلك نظرا لانخفاض قيمة هذه الفئات، حيث سيضطر المواطن إلى حمل رزم كبيرة من الأموال لإجراء عمليات شراء يومية بسيطة، ما يسبب إرباكاً للمستهلكين والتجار على حد سواء.
استبدال العد بالوزن في الأسواق، وذلك لصعوبة عد كميات كبيرة من الأوراق النقدية الصغيرة، حيث سيلجأ التجار والباعة إلى قياس الأموال بالوزن بدلاً من عدّها، مما يزيد من مخاطر التلاعب والتزوير، ويؤدي إلى مزيد من العشوائية في المعاملات التجارية.
اهتراء الأوراق النقدية بسرعة، والفئات الصغيرة أكثر عرضة للتلف نتيجة كثرة الاستخدام، ما يعني الحاجة المستمرة لاستبدالها، الأمر الذي قد يشكل عبئاً إضافياً على المصرف المركزي.
التأثير على المستوى المعيشي للمواطنين
بنتيجة تنفيذ الاجراء أعلاه من قبل المصرف المركزي سيواجه التجار صعوبات في تخزين ونقل وحساب هذه الفئات النقدية الصغيرة، مما قد يدفعهم إلى زيادة الأسعار لتعويض هذه التكاليف التشغيلية الإضافية، ما يعني زيادة معاناة الغالبية من المفقرين، فمع ارتفاع الأسعار سيجد المواطن ذو الدخل المحدود والمفقر صعوبة أكبر في تأمين احتياجاته اليومية.
ما المطلوب لمواجهة التداعيات؟
إن ضخ السيولة النقدية في الأسواق دون معالجة الأسباب الحقيقية لأزمة الاقتصاد قد يؤدي إلى نتائج عكسية، تزيد من تدهور القدرة الشرائية وتفاقم معاناة المواطنين، بدلاً من تحسين الأوضاع الاقتصادية.
وكي يكون هذا القرار ذا تأثير إيجابي، لا بد من اتخاذ إجراءات مصاحبة تقلل من مخاطره، مثل: تعزيز الإنتاج المحلي لخلق قيمة حقيقية تدعم استقرار الليرة وهو الاجراء الاهم، بالتوازي مع ضبط الأسواق والأسعار لمنع التضخم الجامح الذي قد ينتج عن زيادة الكتلة النقدية.
وكذلك إعادة بناء الثقة بالنظام المصرفي عبر سياسات مالية واضحة تمنع انهيار قيمة العملة، مع التشجيع على تقليل الاعتماد على التبادل النقدي من خلال التوسع في الدفع الإلكتروني وتسهيل استخدامه.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1212