عندما يتحمل الناس أعباء الفساد وأعباء معالجته!
رائد بدر رائد بدر

عندما يتحمل الناس أعباء الفساد وأعباء معالجته!

صرح مدير السورية للمخابز محمد صيادي لشام إف إم منذ عشرة أيام بأنه: «مع إلغاء البطاقة الذكية وفرت الحكومة السورية 750 طناً من الطحين يومياً»، وأضاف: «كلفة كيلو الخبز على الحكومة تبلغ 40 سنتاً/ دولار، ويباع بـ 20 سنتاً/ دولار»، وأشار إلى أنه: «بعد إجراء إحصاء كامل للمحافظات فإن الاستهلاك اليومي نحو 5,000 طن طحين ما يعادل أكثر من 4 ملايين ربطة خبز».

لا بد من التذكير أن بدعة البطاقة الذكية اعتمدتها السلطة الساقطة باسم الدعم ولتوجيهه لمستحقيه، كإحدى الوسائل النهبوية التي استخدمتها بإدارة وتنظيم ورفع مستويات النهب، بما في ذلك لمادة الخبز التي تعتبر من المواد شديدة الحساسية لدى الناس لارتباطها المباشر بلقمة عيشهم اليومية.
ومع إلغاء حكومة تسيير الأعمال لهذه البدعة بالنسبة لمادة الخبز اتضحت بعض مؤشراتها النهبوية سريعاً، ومنها توفير 750 طناً من الطحين يومياً، والتي كانت تنهب وتسرق تقاسماً بين الكبار من الفاسدين.

انخفاض تكاليف الإنتاج بنسبة 26%

توفير 750 طناً من الطحين يومياً تقدر قيمتها بنحو 426 ألف دولار يومياً، أي ملايين من الدولارات سنوياً، بحسب السعر المحدد من قبل الحكومة الساقطة بداية العام السابق (7,5 ملايين ل.س للطن، ما يعادل 568 دولاراً وفقاً لسعر الصرف الرسمي 13,200 ل.س للدولار في حينه)، وهذا من المفترض أن يؤدي إلى انخفاض تكاليف الإنتاج عما كانت عليه أيام السلطة الساقطة.
وبالعودة إلى تصريحات المسؤولين السابقين، ومنهم مدير المؤسسة السورية للمخابز في السلطة الساقطة ببداية العام السابق، حيث أوضح في حينه أن كلفة كيلو الخبز تبلغ نحو 7,000 ل.س، وهو ما يعادل 54 سنتاً/ دولار وفقاً لسعر الصرف الرسمي وقتها، وبالمقارنة مع تكاليف الإنتاج التي تحدث عنها مدير السورية للمخابز بحكومة تسيير الأعمال، نستنتج أن كلفة الإنتاج انخفضت بحدود 26% تقريباً.

ارتفاع سعر الخبز 10 أضعاف!

خفضت السلطة الساقطة الدعم على مادة الخبز تدريجياً خلال السنين الماضية، على المستوى الكمي والسعري، وصولاً إلى سعر 400 ليرة للربطة بوزن 1100 غرام، وبقدر 7 أرغفة لكل ربطة.
وبعد تخلص حكومة تسيير الأعمال من البطاقة الذكية استمرت بتخفيض الدعم على مادة الخبز استكمالاً لسيناريو سياسات السلطة الساقطة بهذا المجال تماماً، لكن هذه المرة بشكل كبير وسريع، حيث تضاعف سعر الربطة على المواطنين 10 أضعاف دفعة واحدة، لتصبح الربطة بسعر 4000 ليرة بوزن 1500 غرام، بقدر 12 رغيفاً لكل ربطة.
وعليه فإن الحديث عن الوفر المحقق، برغم كبر قيمته اليومية والسنوية، وبرغم نسبة خفض الكلفة التي وصلت إلى حدود 26%، فإن ذلك لم ينعكس على حياة الناس المعيشية، بل على العكس فقد أصبحت حياتهم أشد قسوة حتى على مستوى تأمين حاجتهم من مادة الخبز!
الأدهى أن واقع الحال يقول إن شبكات بيع الخبز أمام الأفران ما زالت مستمرة بعملها نهباً واستغلالاً للمواطنين العاجزين عن الوقوف في طوابير الانتظار الطويلة، والأكثر من ذلك أن التقيد بعدد أرغفة بقدر 12 رغيفاً لا يعني الالتزام بوزن 1500 غرام للربطة، فالرغيف أصبح أصغر حجماً وأقل وزناً في الكثير من المخابز، وهي آلية جديدة لاستمرار النهب باسم رغيف الخبز «المدعوم» افتراضاً.
والنتيجة أن المواطن المفقر لم يستفد من إجراءات الحد من النهب والفساد، بل على العكس دفع ضريبة هذه الإجراءات أضعافاً مضاعفة من جيبه، وعلى حساب مستوى معيشته التي ازدادت تردياً بسبب الاستمرار بسياسات إنهاء الدعم!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1212