مأساة المتقاعدين العسكريين وورثتهم... بين الجوع والتجاهل
تزداد الأزمات الاقتصادية تعقيداً في سورية، لكن من بين الفئات الأكثر تضرراً، تبرز شريحة المتقاعدين العسكريين وأصحاب المعاشات من ورثتهم، والذين باتوا في مواجهة واقع مأساوي بعد توقف صرف رواتبهم.
فحكومة تسيير الأعمال اتخذت قراراً بوقف صرف المعاشات التقاعدية للعسكريين، وميزت هؤلاء بين متقاعدين قبل 2011 وبعدها، وقد شمل قرار وقف الصرف أيضاً معاشات ورثة العسكريين، وما زال وقف صرف المعاشات سارياً لكل هؤلاء حتى تاريخه، ودون تحديد موعد لصرف استحقاقاتهم!
التمييز من قبل حكومة تسيير الأعمال بين متقاعدي قبل 2011 وبعدها يبدو كأنه فرز أولي لمن شارك أو لم يشارك في عمليات التنكيل بالسوريين باسم المؤسسة العسكرية، لكن مع ذلك استمر وقف صرف معاشات المتقاعدين قبل 2011، وكذلك استمر وقف صرف معاشات الورثة!
هؤلاء باتوا غير قادرين حتى على تأمين أبسط مقومات الحياة، مثل الخبز، الذي أصبح سعره 4000 ليرة سورية، متجاوزاً قدرة الكثيرين على شرائه.
فمنذ شهرين يواجه المتقاعدون العسكريون وعائلاتهم أزمة غير مسبوقة مع توقف رواتبهم دون حلول عملية، ودون توضيح لآليات الفرز التي تتبعها حكومة تسيير الأعمال بهذا الملف!
هذه الرواتب التقاعدية، على قلتها ومحدوديتها، كانت تمثل شريان الحياة الوحيد لغالبيتهم، خاصة مع الغلاء الفاحش وتذبذب قيمة الليرة السورية.
فكيف يُتوقع أن تعيش هذه العائلات دون أي مصدر دخل، بينما تتضاعف الأسعار يوماً بعد يوم؟ ومن أين سيأكلون؟
ففي ظل هذا الوضع، أصبح توفير الطعام تحدياً يومياً.
فالعديد من الأسر باتت تعتمد على المساعدات أو الديون، بينما لجأ البعض إلى تقليل عدد الوجبات أو استبدال الطعام الأساسي ببدائل أقل جودة، ومع ذلك، فإن الخيارات تزداد ضيقاً مع استمرار الأزمة.
ولم تقتصر الأزمة على الغذاء فقط، بل امتدت إلى جميع جوانب الحياة في ظل الغلاء الفاحش.
فقد ارتفعت أجرة النقل العام إلى مستويات لا يستطيع المواطن تحملها، مما يجعل حتى الذهاب للبحث عن مساعدة أمراً صعباً.
كذلك يحتاج العديد من المتقاعدين إلى أدوية مستمرة لأمراضهم المزمنة، لكن أسعار الأدوية أصبحت فوق طاقتهم، ما يعرض حياتهم للخطر.
والأزمة تصبح مضاعفة في حال كان هؤلاء مستأجرين، حيث أن دفع الإيجار بات شبه مستحيل.
لا يمكن الاستمرار في تجاهل هذه الكارثة الإنسانية المستمرة وغير المسقوفة زمنياً، فمن غير المقبول أن يُترك هؤلاء ليواجهوا الجوع والحرمان!
على الجهات المعنية التحرك بسرعة لاستكمال إجراءاتها بما يخص ملف رواتب المتقاعدين العسكريين، لصرف مستحقاتهم وإيجاد حلول مستدامة تضمن لهم حياة كريمة، أو على الأقل، تقديم مساعدات عاجلة تمكنهم من تأمين ضروريات الحياة.
فاستمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاجتماعية والإنسانية، ويخلق أزمات جديدة يصعب معالجتها لاحقاً.
فهل من استجابة قبل أن يتحول الجوع والحرمان إلى كارثة أكبر؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1212