استضافة الطلاب الجامعيين في أي جامعة... الإيجابيات والسلبيات

استضافة الطلاب الجامعيين في أي جامعة... الإيجابيات والسلبيات

أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قراراً يسمح باستضافة الطلاب بين الجامعات الحكومية وفروعها للعام الدراسي 2024-2025، وفق شروط محددة.

يُعد القرار أعلاه تحولاً مهماً في سياسات التعليم العالي، بما في ذلك سياسات الاستيعاب الجامعي المطبقة منذ عقود، حيث يهدف كما يبدو إلى تيسير ظروف الدراسة للطلاب، وتحقيق مرونة أكبر في العملية التعليمية، لكنه يحمل في طياته العديد من الإيجابيات والسلبيات التي قد تؤثر على الجامعات والطلاب والمنظومة التعليمية ككل.
فما هي النتائج المتوقعة؟!

اشتراطات محدودة

بيّن القرار أن الاستضافة تتطلب موافقة رئيس لجنة تسيير الأعمال في الجامعة، بناء على اقتراح عميدي الكليتين في الجامعة الأم والمضيفة، وتُرفع مع طلب الاستضافة أسماء المقررات التي يمكن للطالب تقديمها في الكلية المضيفة، بشرط أن تتطابق بنسبة لا تقل عن 75% مع مقررات الكلية الأم. كما يُلزم الطالب بتقديم المقررات المتماثلة العملية والنظرية في الكلية المضيفة، بينما تُقدم المقررات غير المتماثلة في الكلية الأم. وأشار القرار إلى ضرورة رفع الكلية المضيفة نتائج المقررات التي أكملها الطالب إلى الكلية الأم، بعد كل دورة امتحانية.

الإيجابيات المنشودة

يمكن اختصار الإيجابيات المنشودة بما يلي:
تخفيف الأعباء على الطلاب، حيث يسمح القرار للطلاب بالدراسة في جامعات أقرب إلى أماكن سكنهم، مما يخفف عنهم أعباء السفر والإقامة، ولا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
تحقيق نوع من العدالة بين الطلاب، فالقرار يساعد في منح فرص متكافئة لجميع الطلاب، خصوصاً الذين يواجهون صعوبات في الدراسة بسبب بعد جامعاتهم عن مناطق سكنهم، أو بسبب الظروف المعيشية الصعبة.
مرونة أكبر في العملية التعليمية، فالقرار يمنح الطلاب حرية اختيار الجامعة التي تناسب ظروفهم الأكاديمية أو الجغرافية، ما يسهم في تحسين تحصيلهم العلمي ويقلل من نسب التسرب الجامعي.
الاستفادة من البنية التحتية للجامعات، فبعض الجامعات قد تكون لديها قدرة استيعابية أكبر من غيرها، مما يجعل توزيع الطلاب أكثر توازناً بين الجامعات، بدلاً من تركزهم في جامعات محددة.
تخفيف الضغط عن الجامعات المزدحمة، فالجامعات الكبيرة والمكتظة، مثل جامعة دمشق، قد تشهد انخفاضاً في الكثافة الطلابية، مما يتيح للطلاب تجربة تعليمية أفضل مع توفر مقاعد وأماكن دراسية مناسبة لهم في جامعات أخرى.

السلبيات المحتملة

يمكن اختصار السلبيات المحتملة بما يلي:
اختلال التوازن في توزيع الطلاب، فالقرار قد يؤدي إلى إقبال عدد كبير من الطلاب على جامعات معينة بسبب سمعتها أو قربها من أماكن سكنهم، مما قد يزيد الضغط على هذه الجامعات، بينما تبقى أخرى أقل كثافة.
الصعوبات الإدارية واللوجستية، فقد تواجه الجامعات تحديات في إدارة استيعاب الطلاب الجدد، خصوصاً فيما يتعلق بالمختبرات، المواد الدراسية، السكن الجامعي، والبنية التحتية الخاصة بالقاعات الدراسية.
الإشكالات الأكاديمية في التكافؤ بين الجامعات، فالجامعات تتبع أنظمة تدريس مختلفة قليلاً، مما يؤدي إلى عدم التوافق في المناهج، وصعوبة التأقلم للطلاب المنتقلين حديثاً.
التأثير على جودة التعليم، فإذا لم يتم تنظيم الاستضافة بشكل مدروس، فقد يؤدي إلى زيادة أعداد الطلاب في بعض الجامعات إلى حد يؤثر على جودة التعليم فيها، من حيث توفر الأساتذة، والموارد التعليمية، والتقييم الأكاديمي.
زيادة الضغط على الخدمات الجامعية، مثل (السكن الجامعي، المكتبات، والمختبرات و...)، التي قد تتأثر بشكل كبير إذا لم تكن هناك خطة واضحة لتوزيع الطلاب بطريقة متوازنة.

النتائج المتوقعة

تحقيق راحة للطلاب المستهدفين وتحسين ظروفهم الدراسية، فالقرار قد يؤدي إلى تحسين أداء الطلاب الذين كانوا يعانون بسبب البعد الجغرافي عن جامعاتهم الأصلية، مما قد ينعكس إيجاباً على نتائجهم ومعدلاتهم.
مقابل ذلك سيكون هناك زيادة ضغط على بعض الجامعات، خاصة إذا لم تكن هناك آلية دقيقة لتنظيم توزيع الطلاب، فقد تعاني جامعات معينة من الاكتظاظ الزائد، بينما تبقى جامعات أخرى دون الاستفادة الكاملة من إمكانياتها.
كذلك قد يدفع القرار لتحفيز الجامعات الأقل إقبالاً إلى تحسين خدماتها الأكاديمية والإدارية، حتى تجذب الطلاب وتحقق التوازن المطلوب في التسجيل لديها مستقبلاً.
ومع تزايد الطلب والضغط على بعض الجامعات، قد تجد وزارة التعليم العالي نفسها مضطرة إلى زيادة الاستثمار في البنية التحتية والخدمات الجامعية وتطويرها لضمان استيعاب الطلاب بشكل لائق.

إعادة تقييم سياسات القبول والاستضافة

مع مرور الوقت، ستحتاج الوزارة إلى مراجعة القرار وإجراء تعديلات وفقاً للنتائج الفعلية له، خاصة بحال تطلبت الظروف تمديده إلى عام آخر، مثل وضع قيود واشتراطات إضافية على الاستضافة في بعض الجامعات، أو تحديد معايير معينة للانتقال.
فالقرار قد يمثل خطوة مهمة نحو مرونة أكبر في النظام التعليمي الجامعي في سورية، ولكنه يتطلب تنظيماً دقيقاً لضمان تحقيق التوازن بين استفادة الطلاب وعدم إلحاق ضرر بالعملية التعليمية.
فنجاح القرار يعتمد على قدرة الجامعات والوزارة على وضع خطط مدروسة لتوزيع الطلاب بشكل عادل، وتحسين الخدمات الجامعية بما يتناسب مع المتغيرات الجديدة، وصولاً إلى التعديلات المطلوبة على مستوى سياسات القبول والاستيعاب الجامعي، بما يضمن حق استكمال التعليم في المرحلة الجامعية، وبما يلبي ويحقق المصلحة الوطنية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1212