خصخصة الموانئ والتضحية بسيادة الدولة!
ضمن مقابلة له مع الصحيفة البريطانية «فايننشال تايمز» صرح وزير الخارجية في حكومة تسيير الأعمال السيد أسعد الشيباني، قبيل ظهوره في المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» يوم الأربعاء الماضي، بأن «سورية تخطط لخصخصة الموانئ والمصانع العامة وخصخصة الاقتصاد وإعادة هيكلته».
قبل بدء الحديث عن خصخصة أحد أهم القطاعات السيادية، أي الموانئ، أو عن بيع المصانع وغيرها، لا بد من التذكير بأن حكومة تسيير الأعمال الحالية ليس من مهامها ولا صلاحياتها التصرف بأملاك الدولة بيعاً وخصخصة، والتي هي ممتلكات الشعب السوري، ومن حق هذا الشعب أن ينتخب ويختار سلطة تعبر عنه وتلبي تطلعاته، وتكون مؤتمنة على مقدراته ومقدرات وطنه.
فحديث وزير الخارجية أعلاه لم يخرج عن سياق توجهات حكومة تسيير الأعمال بما يتعلق بالخصخصة والتفريط بالمؤسسات والشركات العامة.
فماذا تعني خصخصة الموانئ وما تبعاتها؟!
ببساطة شديدة خصخصة الموانئ هي عملية تحويل ملكية أو إدارة الموانئ من القطاع العام إلى القطاع الخاص عبر بيعها أو تأجيرها لشركات القطاع الخاص، الأجنبية أو المحلية على حد سواء. ولكن الحديث هنا ليس عن تأجير أو استثمار ورشة صناعية أو محل تجاري أو قطعة أرض، الحديث هنا عن الموانئ بعمومها (البرية والبحرية والجوية) بتعدد مهامها وواجباتها ومسؤولياتها، والتي تعتبر من أهم القطاعات السيادية، التي يجب أن تكون بيد الدولة قولاً وفعلاً، ومن الممنوع التفريط بها بأي شكل من الأشكال وتحت أي مسمى، وذلك بسبب ارتباط وتشابك دورها ومهامها بتبعات اقتصادية وأمنية واجتماعية وسياسية.
علماً أن الأولويات بين القطاع الخاص والدولة مختلفة جوهرياً، فالقطاع الخاص يجد في الربحية الهدف الأول والأخير لوجوده بعيداً عن أي اعتبارات أخرى، سياسية كانت أم اجتماعية أم أمنية، في حين أن الدولة وقطاعاتها المحتكرة من قبلها تقوم بإدارة هذه القطاعات بما يتناسب مع المصلحة العامة للدولة مع ضمان سيادتها، ووفقاً لخطة مركزية شاملة تأخذ بعين الاعتبار الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية.
سلبيات كثيرة ومتشعبة!
السلبيات المرتبطة بخصخصة الموانئ كثيرة، تبدأ بانعدام دور الدولة أو تخفيضه إلى الحد الأدنى، ولا تنتهي بالتخلي عن العائدات الاقتصادية مضمونة الربحية لمصلحة القطاع الخاص.
وبهذا الشأن تبدو المعايير الأمنية بما يخص عمل ومهام الموانئ من الأولويات التي لا يمكن التفريط بها لتصبح بعهدة القطاع الخاص، فالعامل الأمني (الاقتصادي والفردي والوطني) المرتبط بعمل ومهام وواجبات الموانئ (البرية والبحرية والجوية) ذو طابع سيادي للدولة.
فالموانئ معنية بدخول وخروج البضائع والأشخاص من وإلى البلاد، وغياب دور الدولة عن هذه العملية قد يعرض الدولة لمخاطر كبيرة، خاصة إذا ما لجأت الشركات الخاصة إلى خفض مستويات الشفافية سعياً منها لمراكمة المزيد من الأرباح، وبالتالي التلاعب بالبيانات المقدمة للحكومة.
العبرة من الدول التي يتم الاستشهاد بها!
وعلى اعتبار أن وزير الخارجية استشهد خلال حديثه لـ«فايننشال تايمز» بسنغافورة والسعودية كنماذج ناجحة على مستوى تبني كل منها لنموذجه الخاص لاقتصاد السوق الحر سعياً إلى التشبّه بها، ربما من المفيد تذكيره بأن هذه الدول التي استشهد بها لم تتخلَّ عن قطاعاتها السيادية أبداً لمصلحة القطاع الخاص، وخاصة الموانئ وقطاع الطاقة والمياه، بالإضافة إلى القطاع التعليمي والصحي، فهل من عبرة لحكومة تسيير الأعمال من ذلك!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1211