انهيار إنتاج الحمضيات مستمر!

انهيار إنتاج الحمضيات مستمر!

وصلت ذروة إنتاج الحمضيات في سورية إلى أعلى درجة خلال موسم العام 2015، حيث بلغت كمية الإنتاج لمختلف الأصناف نحو 1,3 مليون طن، وبعد هذا الموسم بدأت رحلة التدهور والانهيار نتيجة لتعمق الأزمة وتوحش السياسات الاقتصادية، المعادية للمزارعين والمحابية لكبار التجار الذين استفادوا من تخلي الدولة عن دورها، وبالنتيجة وصول كميات الإنتاج إلى مستويات متواضعة جداً خلال السنوات القليلة الماضية، وضمناً الموسم الحالي.

تحدث رئيس رابطة فلاحي اللاذقية لؤي سلوم لجريدة الثورة نهاية الأسبوع الماضي قائلاً «يبلغ حجم الإنتاج المتوقع للموسم الحالي 540 طناً، يستهلك السوق المحلي منها 40%، والباقي يعتبر فائضاً، لذلك يكمن الحل بإيجاد أسواق خارجية للتصدير».
وأشار سلوم إلى سبب تراجع الإنتاج لهذا الموسم مقارنة بمواسم سابقة وهو «ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج (أسمدة، مبيدات، عبوات، إلخ) وعدم توفرها في الوقت المناسب».
ما تم إغفاله بحديث رئيس رابطة الفلاحين كسبب إضافي لتراجع الإنتاج عاماً بعد آخر هو عمليات تسويق هذا الإنتاج، التي واجهت هي الأخرى الكثير من الصعوبات والمعيقات، بسبب تحكم كبار تجار أسواق الهال والمصدرين بالكميات المسوّقة وبأسعارها، بالتوازي مع تراخي دور الدولة وتراجعه!
يعتبر محصول الحمضيات من المحاصيل الهامة التي من المفترض اعتبارها استراتيجية في سورية، شأنه بذلك شأن محصول القمح والقطن والشوندر السكري والزيتون وغيرها، التي تدهورت وتراجعت أيضاً خلال السنوات السابقة بسبب سياسات السلطة الساقطة المدمرة للإنتاج المحلي والوطني، والزراعي ضمناً.
ومن أجل إعادة الاعتبار لهذا المحصول لا بد من التعامل معه بطريقة استراتيجية وطويلة المدى، وبالشكل الذي يجعل من الاستفادة منه واستمراره وتطويره شأناً وطنياً يجب عدم التهاون فيه.
فالمساحات المزروعة بهذا المحصول كبيرة، خاصة بمناطق الساحل السوري (طرطوس واللاذقية)، وكذلك حجم العمالة والأسر التي تعتمد على محصوله في تأمين لقمة عيشها وقوت يومها يعتبر كبيراً جداً.
وبالتالي فإن معالجة المشاكل والصعوبات التي يعاني منها هذا المحصول والمزارعون من المفترض أن تكون من الأولويات بالنسبة للحكومة، سواء حكومة تسيير الأعمال الحالية أو أي حكومة قادمة، وخاصة بما يتعلق بإنهاء السياسات المجحفة التي دفعت إلى التخلي عن هذا المحصول قسراً، أو استبداله بزراعات أخرى، بسبب عدم القدرة على تأمين مستلزمات الإنتاج وارتفاع تكاليفها، مقارنة بالمردود المادي الضئيل وحجم الخسائر الكبير التي تكبدها الفلاحون خلال السنوات السابقة. إضافة إلى إهمال هذا المحصول وعدم تطويره، مع التجاهل المتعمد لإقامة معامل العصائر والمركزات التي تحقق ميزات اقتصادية وتنافسية منه، سواء على مستوى تشغيل المزيد من الأيدي العاملة، أو على مستوى تغطية الاحتياج المحلي من منتجاتها مع تصدير الفائض منها، بدلاً من المعاناة من فائض الإنتاج المزمن الذي يدفع ضريبته الفلاح منفرداً!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1211