وزير الاقتصاد يعدنا بمعيار كرامة بائس وليس بشيء آخر!
أطل علينا وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال السيد باسل عبد الحنّان بتصريح له لـ CNBC العربية بأن «120 دولاراً هي الحد الأدنى شهرياً لتوفير حياة كريمة للمواطن السوري»، أي تقريباً ما يعادل نحو 1,560,000 ل.س وفقاً لسعر الصرف الرسمي لدى المصرف المركزي، أو 1,380,000 ل.س وفقاً لسعر الصرف في السوق الموازية.
فماذا تعني الحياة الكريمة؟
الحياة الكريمة تعني سهولة الوصول إلى السلع والخدمات الأساسية عبر دخل كافٍ يوفر للناس القدرة على العيش ضمن الحد الأدنى من كلف المعيشة الذي يساعد هؤلاء على البقاء على قيد الحياة، وضمن شروط وظروف معيشية «آدمية»، دون أي تمييز بين أفراد وطبقات المجتمع، على الأقل فيما يخص الأساسيات المعيشية، مثل (الغذاء، الطبابة، السكن، المواصلات، التعليم، الاتصالات، إلخ).
هل توفر الـ 120 دولاراً حياة كريمة للمواطن السوري فعلاً؟
لنفترض أن سعر صرف الدولار الفعلي هو السعر الرسمي، والمحدد بآخر نشرة للمصرف المركزي بـ 13,000 ل.س، وبالتالي فإن هذه الدولارات التي تحدث عنها وزير الاقتصاد تساوي نظرياً نحو 1,560,000 ل.س، وهنا يوجد سؤال يفرض نفسه: أي كرامة يمكن أن توفرها هذه الليرات للمواطن السوري، خاصة مع سياسات إلغاء الدعم الشاملة التي اتخذتها حكومة تسيير الأعمال من اليوم الأول، استمراراً لسياسات السلطة الساقطة، ولكن بوتائر أسرع وأكثر شمولاً؟!
فمثلاً لنأخذ سلعة واحدة وخدمة واحدة من الأساسيات التي لا يمكن الاستغناء عنها بأي شكل من الأشكال، وهي الخبز والمواصلات، وليكن مثالنا أسرة مؤلفة من خمسة أفراد ويعيلها فرد واحد. حيث يمكن تحديد كلف الخبز والمواصلات لهذه الأسرة كما يلي:
الأسرة بحاجة إلى ربطتي خبز يومياً، وسعر الربطة سيبلغ نحو 8000 ل.س بعد شهر أو شهرين مع إنهاء الدعم الكلي الذي وعدنا به وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك قبل عدة أيام، وعليه فإن كلفة الخبز الشهرية لوحدها تساوي نحو 480,000 ل.س.
ولنفترض أن كلف المواصلات سيدفعها الفرد المعيل فقط، بوسيلتي نقل للذهاب ومثلها للإياب من والى العمل، وبوسطي 16000 ل.س يومياً لمدة 26 يوم عمل بالشهر فإن كلف المواصلات ستبلغ نحو 416,000 ل.س شهرياً.
على ذلك فإن مجموع كلف الخبز والمواصلات للأسرة يصبح حوالي 896,000 ل.س شهرياً، وهذا المبلغ يشكل ما نسبته حوالي 57,43% من إجمالي دخل هذه الأسرة الدولاري الموعود!
فمعيار كرامة حياة المواطن السوري من وجهة نظر وزير الاقتصاد يقتصر فقط على تأمين الخبز وتكاليف المواصلات، أما بقية السلع والخدمات الأساسية (الغذاء، السكن، الطبابة، الاتصالات، الملابس، الكهرباء، الماء، إلخ) كشروط لحياة آدمية يبدو لا بأس بالنسبة للوزير أن يستمر المواطن السوري بمعاناته وعوزه وحرمانه وبؤسه تجاهها، كما كان عليه دائماً أيام السلطة الساقطة!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1210