الوعيد بكهرباء غالية الثمن!

الوعيد بكهرباء غالية الثمن!

صرح وزير الكهرباء في حكومة تسيير الأعمال الحالية السيد عمر شقروق أن: «تكلفة إنتاج الكيلو واط الساعي تتجاوز 12 سنت/ دولار، وأن خفض كلف الإنتاج إلى 6 سنت/ دولار يحتاج إلى أكثر من أربع سنوات»، وأضاف: «توفير الكهرباء بين 6–8 ساعات يومياً يحتاج إلى وقت خلال شهرين».

حديث الوزير أعلاه عن الكلف يذكرنا بأحاديث وزراء الكهرباء في الحكومات المتعاقبة للسلطة الساقطة، وخاصة ما يتعلق بتغييب عوامل تضخيم هذه الكلف، لكن المختلف الذي يهم المواطن الآن هو أن هذه الكلف المضخمة، والتي باتت مسعرة بالدولار، ستكون بوابة عبور لحساب قيمة الاستهلاك عليه لاحقاً بحال استمرار حكومة تسيير الأعمال بسياسات إنهاء الدعم الكلي.

الكلف المضخمة نفسها مع ذرائعها

يبدو أن حكومة تسيير الأعمال تتفق على طول الخط مع سياسات السلطة الساقطة على المستوى الاقتصادي، وخاصة فيما يتعلق بتخفيض الدعم الاجتماعي والإجهاز عليه كلياً، والواضح أيضاً أن الحكومات التي تستهدف إنهاء الدعم، وإنهاء دور الدولة الاجتماعي في التخفيف من مظاهر الفجوة الطبقية، تستخدم نفس الخطاب ونفس المبررات والذرائع، وخاصة ما يتعلق بكلف الدعم، ويبدو أيضاً أن إجراءات تخفيض الدعم قبيل الوصول إلى إنهائه هي ذاتها!
فالسلطة الساقطة مثلاً كانت تعتبر استمرار الدعم سبباً أساسياً في تردي واقع الكهرباء وتقصيرها في توفير الطاقة للناس بعدة ذرائع، أهمها هو عبء الدعم وكلفه، مع العلم أن السلطة الساقطة كانت تستمر بتضخيم كلف الإنتاج بنسب يصعب تقديرها، بما في ذلك هوامش النهب والفساد وذرائع الحصار والعقوبات، بالإضافة طبعاً إلى نسب الفاقد الفني والتجاري، التي كانت تقدرها وزارة الكهرباء في حكومة السلطة الساقطة بحدود 27% للفاقد الفني فقط دون التجاري، علماً أن الفاقد الفني الطبيعي من المفترض ألّا يتجاوز 10%، وكل هذه الإضافات والهوامش يتم تضمينها في الكلف، وبالتالي تحميلها للمواطن.
ولعل الفارق المسجل أن السلطة الساقطة، ولعدم رغبتها بتحميل كلف الدعم على الموازنة وتسعى إلى تخفيضها للحدود الدنيا، كانت تلجأ إلى تخفيض ساعات الوصل قدر الإمكان، وصولاً إلى انعدامها شبه الكلي ببعض المناطق، مع العلم أن إمكانية توفير الكهرباء وتحسينها بنسب كبيرة كانت متاحة، بالرغم من كل التدمير والخسائر التي تعرض لها هذا القطاع نتيجة سنوات الأزمة والحرب، لكن الذريعة بهذا الشأن كانت دائماً هي قلة توريدات المشتقات النفطية لتشغيل محطات التوليد العاملة بطاقتها الإنتاجية.
اليوم السيناريو ذاته يستمر، مع زيادة السوء على مستوى ساعات الوصل، ومع الوعود الحالية بزيادتها لاحقاً، إلا أن ذلك سيتم على حساب زيادة أعباء الكلف وإنهاء الدعم كلياً، وبالتالي رفع أسعار الكهرباء إلى المستويات التي تحدث عنها ويز الكهرباء الحالي على الأقل، أي 12 سنت/ دولار للكيلو واط الساعي بكلف الإنتاج، وهذا ما يعادل تقريباً 1560 ل.س لكل كيلو واط ساعي بناء على سعر الصرف الرسمي المحدد الآن بـ 13065 ل.س.

كلف الكهرباء ستثقل كاهل المفقرين!

سيناريو إنهاء الدعم على الطاقة الكهربائية، وفقاً لحسابات الكلف المتضخمة أعلاه، ستكون كارثية على المواطنين!
فوسطي استهلاك الأسرة السورية الشهري من الطاقة الكهربائية يقدر بحدود 500 كيلو واط ساعي، وبناء على الكلف الجديدة المعلن عنها أعلاه فإن الكلفة الشهرية بالحد الأدنى على الأسرة ستكون بحدود 780,000 ل.س، وبمقارنة هذه الكلفة مع الرواتب المفترضة، بعد الزيادة الموعودة بنسبة 400% والتي ستصبح نحو 1,400,000 ل.س، أو 120 دولاراً بأحسن الأحوال، وكما ذكر وزير الاقتصاد بأن هذا الدخل كافٍ لتأمين حياة كريمة للمواطن السوري، ستعادل تقريباً 1,567,000 ل.س وبكلتا الحالتين فإن كلف الكهرباء بحدها الأدنى تساوي على الأقل 50% من دخل الأسرة، ليتحول وعد حكومة تسيير الأعمال بزيادة ساعات الوصل وتحسنها إلى وعيد بمزيد من الإفقار والحرمان!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1210