السوريون في مرحلة فارقة بين الآمال المعلقة والترقب المشروع

السوريون في مرحلة فارقة بين الآمال المعلقة والترقب المشروع

بعد سقوط السلطة البائدة، ومن بين أنقاض الجوع والحرمان والإذلال التي خلفتها هذه السلطة خلال العقود الماضية، انتفض السوريون واستنشقوا الهواء النقي لأول مرة منذ سنين طويلة.

من شوارع دمشق مروراً بساحات حلب وأحياء حماة ومقاهي حمص، وصولاً إلى جميع المحافظات، تفيض الحكايات بمزيج فريد من الفرح العارم والترقب الحذر والمشروع.
الفرح كان واضحاً، لكنه لم يكن دون تحفظات، فالجميع في حالة ترقب بين الأمل بحياة أفضل، والخشية من انزلاق البلاد إلى مرحلة جديدة من الصراع أو الفوضى.
ببساطته وعفويته، العم موفق، قال حرفياً: «المواطن السوري بدو شي بسيط بس عميق... الأمان، العدالة، والكرامة».

نود التنويه إلى أن ما يلي هو جزء قليل من آراء مواطنين كان لنا شرف لقائهم والحديث معهم أثناء جولتنا لرصد فرحهم ونقل هواجسهم.
بدأنا من قلب الحارات الشعبية بأطراف دمشق حيث وقف أبو محمد، الرجل السبعيني الذي عاش ويلات الكثير من الأزمات، على عتبة متجره الصغير يتأمل المارة والفرحة تملأ عينيه، وقال: «بعد سنين طويلة من الموت والجوع، طبيعي نفرح... لكن الفرح ما بيكفي، شو رح يصير بعدين؟ كيف رح نبني البلد؟ العالم بدها أمان وبدها خبز... العالم بدها تعيش... مش شعارات... بس برغم هيك بدنا نستبشر بالخير».
إلى جانبه تنهدت أم سامر، وهي تحمل في يديها كيس البقالة قائلة: «الله أكبر... فرحنا، بس أنا والله خايفة... خايفة يرجع حدا تاني يشبه اللي سقطوا... مين بيضمن ما يجي نظام جديد يقمعنا... لك تعبنا من الخوف».
أما أم كريم، شريكة أم سامر في رحلة التسوق، والتي عاشت تحت قصف لا يرحم واضطرت لترك منزلها، فقد وضعت يدها على صدرها كأنها تخفف عن قلبها المتعب وقالت: «والله لما سمعت الخبر بكيت وما صدقت».
وفي أحد المقاهي التاريخية في دمشق، جلس نور مع أصدقائه يناقشون المستقبل بعيون يملؤها الأمل، الأمل المستجد في عيون جيل الشباب المترافق بقوة العزيمة ولهيب الرغبة في الحديث والتعبير بعد طول حرمانهم منه، حيث قال: «نحنا جيل ما عرف إلا الحرب، بس اليوم عنا فرصة نحلم ببلد أفضل... بدنا نبني بلد يليق فينا».
لتقاطعه صديقته رزان بواقعية محبطة وتقول: «احلم قد ما بدك، بس الواقع أصعب... الفساد متغلغل، واللي استفادوا من الحرب ما رح يستسلموا بسهولة... التغيير بده ناس صادقين وبلد عدالة، مو بس كلام».
مقابل ذلك عقّب الشاب ملهم بالقول: «نحنا من الأوادم الكتار بهالبلد... ونحنا اللي لازم ناخد دورنا بالمرحلة الجاية وما نخلي حدا يتعدى على حقوقنا مرة تانية مين ما كان يكون».
بين الآمال المعلقة والذكريات المثقلة، يقف السوريون على مفترق طرق تاريخي، فالجميع يتطلع نحو سورية جديدة، دولة عدالة وكرامة، دولة تنهي معاناة سنوات، وتفتح آفاق مشروعة لأحلام أجيال لم تعرف سوى الحرب.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1207