توفير مقدمات عودة اللاجئين
يوجد شعور عام لدى السوريين، سواء كانوا بالخارج أو بالداخل السوري، أنهم ولأول مرة أمام فرصة تاريخية لتعود البلاد لهم، وأن تصبح سورية لشبابها وشاباتها، لعمالها وطلابها، لكبارها وصغارها، لأن شبح تجريدهم من سوريتهم ومن انتمائهم لهذه البلد ذهب مرة واحدة وإلى الأبد.
فما إن تبخرت السلطة السابقة حتى بدأ بعض اللاجئين السوريين بالعودة إلى وطنهم، خاصة مع التسهيلات التي بدأت الدول بمنحها للسوريين الراغبين بالعودة.
تشير المفوضية السامية للاجئين إلى عودة 300 ألف لاجئ من لبنان إلى سورية، وكذلك صرحت وزارة الداخلية التركية عن عودة أكثر من 25 ألف لاجئ إلى سورية، وهذه الأعداد هي فقط منذ سقوط السلطة السابقة وهروبها.
فرحة السوريين وشعورهم بالخلاص من الاستبداد والقهر والقمع الذي كانت تمارسه السلطة السابقة، قد تكون مقدمات لعودتهم إلى وطنهم بعد زوال سبب لجوئهم الأساسي المتمثل بالسلطة الساقطة، إلا أنها مقدمات غير كافية لاستمرار وجودهم فيها، وخاصة من الناحية المعيشية والخدمية.
فمن أجل أن تكتمل هذه الفرحة، ويشعر السوريون فعلاً بأن البلاد بدأت تعود لهم، لا بد من توفير المقدمات الأساسية لاستقبالهم وتأمين عودة كريمة لهم.
ففي بلد يعاني ما يعانيه اقتصادياً، حيث توضح المؤشرات ذات الطابع الاقتصادي الاجتماعي كالبطالة مثلاً إلى استمرار معاناة أكثر من نصف القوى العاملة من البطالة وعدم توفر فرص العمل، إضافة إلى وصول معدلات التضخم إلى مستويات كبيرة، ناهيك عن مشكلة السكن وإمكانية توفره، وتراجع الخدمات العامة الأساسية كالماء والكهرباء والنقل والمواصلات، وغيرها من مقومات الحياة التي انهارت إنهاكاً وتهتكاً على أيدي السلطة السابقة، وجرى تدميرها بشكل منهجي لصالح قلة من أصحاب النفوذ والثروة.
كل هذا وأكثر لا يشجع العائدين إلى بلادهم على البقاء فيها، بل يمكن أن يولّد أزمات إضافية متفاقمة ما لم يتم البدء بمعالجة هذا الوضع بالشكل الذي يساعد على بقاء السوريين العائدين، وتشجيع كل سوري موجود خارج هذه الأرض على العودة إلى بلده، للمشاركة ببنائها ونموها وازدهارها.
فالبلاد اليوم بحاجة إلى كل ساعد من سواعد أبنائها، ولا بد من عودة كل السوريين ليشاركوا ببناء وطنهم وبلدهم، لكن ذلك لا بد أن يترافق مع توفير الحد الأدنى لمتطلبات العيش الكريم بعد العودة، اعتباراً من السكن مروراً بفرص العمل وليس انتهاءً بالخدمات الرئيسية، كي يساهم السوريون معاً في بناء سوريتهم المنشودة، وبما يلبي تطلعات الغالبية منهم بالعيش الكريم في بلدهم السيدة على مقدراتها وكامل ترابها.
فالتشجيع على العودة، بما في ذلك التسهيلات التي تقدمها دول اللجوء للسوريين من أجل عودتهم لبلادهم، وحدها غير كافية رغم أهميتها، بل يجب تضافر الجهود المحلية والدولية والأممية لتأمين متطلبات وضرورات هذه العودة بما يضمن كرامة السوريين في بلدهم واستدامتها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1207