بجرة قلم غير ثورية تم إنهاء الدعم
في ظل التغيرات المتسارعة التي تشهدها سورية بعد سقوط السلطة السابقة، اتبعت حكومة تسيير الأعمال نهجاً مشابهاً فيما يتعلق بتخفيض الدعم الحكومي، حيث تم إلغاء الدعم عن الخبز والمشتقات النفطية، بشكل كامل وبسرعة ودون أية تعويضات.
هذا الإجراء، السريع والمستكمل لإجراءات السلطة الساقطة، أثار سخطاً وجدلاً واسعاً بين المواطنين المكتوين بلهيب السوق المنفلت بأسعاره، وترك انعكاسات سلبية عميقة على معيشة شريحة واسعة من المفقرين أصلاً، خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية المستمرة بالتردي.
ارتفاع تكاليف المعيشة
يعتبر الخبز المدعوم المصدر الغذائي الأساسي للغالبية المفقرة من السوريين، ومع إنهاء الدعم على رغيف الخبز تضاعفت أسعاره بشكل جعل الحصول عليه عبئاً يومياً على الأسر ذات الدخل المحدود، أو تلك التي بلا دخل ثابت والمهمشة، حيث قفز سعر الربطة من 400 ليرة إلى 4000 ليرة دفعة واحدة، حيث أصبح رب الأسرة مضطراً ليدفع 4 أضعاف السعر السابق لقاء رغيف الخبز.
وبالمثل، فإن إنهاء الدعم على المشتقات النفطية أدى إلى زيادة تكلفة النقل والمواصلات أكثر من 4 أضعاف، وكذلك بما يخص مازوت التدفئة، والمشتقات النفطية اللازمة لتشغيل المعدات الزراعية، وكل ما سبق أدى إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات كافة بشكل عام، مع انعكاساتها السلبية الكارثية على معيشة السوريين، وخاصة الغالبية المفقرة.
زيادة معدلات الفقر
في ظل عدم وجود بدائل أو سياسات تعويضية كافية وفعالة لترميم الفجوة السعرية والمعيشية بعد إنهاء الدعم بهذا الشكل الفج والسريع، ازدادت معدلات الفقر بشكل ملحوظ، حيث اضطرت الأسر المفقرة إلى زيادة تقليص نفقاتها الأساسية على الغذاء والتعليم والرعاية الصحية، الأمر الذي سيدفعها نحو مزيد من التهميش الاقتصادي والاجتماعي، مع نتائج السلبية لذلك على مستوى تعميق الفجوة بين الفئات الاجتماعية، وزيادة معاناة الفئات الأكثر فقراً ضعفاً، أي الغالبية المفقرة أصلاً، وخاصة الأطفال وكبار السن.
التضحية بالأمن الغذائي
إنهاء الدعم عن الخبز، وهو السلعة الأساسية في النظام الغذائي للسوريين، سيؤدي إلى تفاقم أزمة الأمن الغذائي المتفاقمة سلفاً، بل التضحية بالأمن الغذائي للمفقرين من أصحاب الدخل المحدود، حيث أصبحت الكثير من الأسر المفقرة غير قادرة على تأمين كفايتها من الغذاء، مما يزيد من خطر سوء التغذية وانتشار الأمراض المرتبطة بنقص الغذاء، كما سيؤثر ذلك سلباً على الفلاحين والعمال الزراعيين أيضاً، الذين يعتمدون على الزراعة لتأمين قوتهم اليومي.
تفاقم الاحتقان الاجتماعي
إجراءات إنهاء الدعم مع غياب خطوات تحسين مستوى المعيشة، سيزيد من حالة السخط الشعبي، حيث شعر المواطنون أن هذه الإجراءات تمثل استمرارية لنهج الإهمال لاحتياجات الشعب الحقيقية التي كانت تسير عليها السلطة الساقطة السابقة، مما أدى إلى ارتفاع منسوب التوتر الاجتماعي، وما قد يتبع ذلك من زيادة لفرص الاحتجاجات والاضطرابات.
تراجع قدرة الاقتصاد المحلي
إنهاء الدعم على المشتقات النفطية وارتفاع أسعارها أثر بشكل كبير على القطاعات الإنتاجية، مثل الزراعة والصناعة، حيث ارتفعت تكاليف الإنتاج بشكل جعل العديد من المشاريع الإنتاجية، وخاصة الصغيرة والمتوسطة، غير قادرة على الاستمرار، وهذا بدوره سيؤدي إلى فقدان المزيد من فرص العمل وتدهور الاقتصاد الوطني بشكل عام.
السياسات الاقتصادية والاستقرار
إن إنهاء الدعم عن الخبز والمشتقات النفطية بجرة قلم غير محسوبة العواقب من قبل حكومة تصريف الأعمال، ودون وجود خطط تعويضية واضحة وسريعة، ألقى بظلاله الثقيلة على حياة ومعيشة المواطنين، وكذلك أدى إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
فالسياسات الاقتصادية التي تتجاهل الأبعاد الإنسانية (المعيشية والخدمية) للمواطنين لا يمكن أن تحقق استقراراً حقيقياً، مما يستدعي مراجعة جادة وشاملة وسريعة لهذه السياسات، لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية، ولتقليل معاناة السوريين، وخاصة الغالبية المفقرة منهم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1206