تفشي مخالفات البناء بعد سقوط السلطة بين الضرورة والفوضى

تفشي مخالفات البناء بعد سقوط السلطة بين الضرورة والفوضى

بعد سقوط السلطة المركزية في دمشق، ومع غياب النظام والرقابة الرسمية، أصبحت البلاد ميداناً للفوضى في العديد من القطاعات. من أبرز هذه المظاهر تفشي مخالفات البناء التي شهدت تزايداً كبيراً، سواء من قِبل المواطنين الذين لجأوا إليها بسبب الضرورة، أو من قبل التجار والسماسرة الذين استغلوا الوضع لتحقيق أرباح غير مشروعة.

أسباب انتشار مخالفات البناء

هناك العديد من الأسباب التي فسحت المجال لزيادة انتشار مخالفات البناء، ومنها:
غياب دور مؤسسات الدولة والجهات المعنية، فغياب الرقابة من قبل البلديات وبقية الجهات الرسمية المعنية بضبط المخالفات أدى إلى تفشيها بشكل كبير.
الحاجة الاضطرارية للمواطنين لترميم بيوتهم ومنازلهم، فبسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والبيوت خلال السنين الماضية، وبسبب انتهاء عوامل الضغط عليهم وابتزازهم من قبل السلطة الساقطة السابقة وأدواتها، لجأ الكثير من المواطنين إلى عمليات الترميم العاجلة لبيوتهم، مع طغيان العشوائية وعدم الالتزام بالمعايير الفنية والهندسية.
جشع التجار والسماسرة الذين استغلوا فرصة الانفلات والفوضى وغياب الرقابة والمحاسبة لبناء وحدات سكنية وتجارية دون ترخيص بهدف بيعها بأسعار مرتفعة والتربح منها، سواء كطوابق إضافية على الأبنية السكنية المشادة، أو بإنشاءات عقارية كاملة على الأراضي، بعيداً عن المخططات التنظيمية وضوابطها، وتجاوزاً للشروط الفنية والهندسية، بما في ذلك بعض حالات التعدي على الأراضي العامة والخاصة.

الآثار السلبية لتفشي مخالفات البناء

هناك الكثير من السلبيات جراء تفش المخالفات، والتي لا تقف عند حدود بحث البعض المنتفع من الفوضى والانفلات عن مرابح سهلة، ومن هذه السلبيات:
التضحية بالسلامة الإنشائية، فغياب الالتزام بالمواصفات الفنية والهندسية سيؤدي إلى إنشاء مبانٍ غير آمنة، مع ما يعنيه ذلك من ازدياد احتمالية انهيار المباني المخالفة، مما يهدد حياة السكان. أضف إلى ذلك ما ينجم عن ذلك من تحميل البنية التحتية، مثل شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، الضعيفة والمتهالكة أصلاً، ضغوط وأعباء إضافية.
زيادة تشويه الطابع العمراني للمدن والأرياف، فالبناء العشوائي خارج المخططات التنظيمية والبعيد عن المواصفة، يزيد من تشويه الهوية العمرانية التقليدية ويطمسها، فانتشار العشوائيات سيؤدي إلى زيادة الفوضى وغياب التنظيم، بالإضافة إلى التشوه البصري.
زيادة الإضرار بالبيئة، فالبناء المخالف في المناطق غير المخططة والمنظمة سيؤدي إلى تزايد التعدي على الأراضي الزراعية، أي تدمير ما تبقى من مساحات خضراء، وزراعة. ولا يغب عن الذهن بهذا المجال أيضاً أن استخدام مواد بناء غير مطابقة للمواصفات سيساهم في تلوث إضافي للبيئة.
فسح المجال لزيادة النزاعات الاجتماعية، فالتعدي على أملاك الغير والأراضي العامة سيؤدي إلى تفاقم النزاعات بين الأفراد والجماعات، ومع غياب سلطة الحد من هذه الخلافات سترتفع حدة التوترات المجتمعية.
الواقع المنفلت الحالي على مستوى تزايد المخالفات والفوضى فيها يفرض ضرورة استعادة دور المؤسسات والجهات المختصة لعملها بالسرعة اللازمة، لمتابعة عمليات البناء الجارية ومراقبة المخالفات وضبطها من خلال تطبيق القوانين بهذا الشأن، وبالحد الأدنى لمنع حدوث المزيد من المخالفات.
ففي ظل الوضع الراهن، يمثل تفشي مخالفات البناء تحدياً كبيراً يهدد السلامة العامة ويؤثر على استقرار المجتمع. لذلك فإن معالجة هذه الظاهرة تتطلب تضافر الجهود لوضع حد للفوضى، وضمان مستقبل آمن ومستقر للمواطنين وبضمان حقهم بسكن لائق وصحي وأمين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1206