المشافي والمستوصفات... نداءات استغاثة ومرضى بلا علاج
تحولت المشافي والمستوصفات خلال الأسبوع الماضي من محطات لإنقاذ الأرواح كما يفترض، إلى نقاط لبث نداءات استغاثة، فيما ترزح تحت وطأة تزايد الجرحى والمصابين بالتوازي مع تفاقم أزمة نقص الكوادر الطبية والمستلزمات.
فالقطاع الصحي، المنهك حتى النخاع سلفاً، أصبح يعاني من انهيار شبه كامل على ضوء تزايد أعداد حالات الإسعاف التي توافدت على مشافيه ومستوصفاته خلال الأسبوع الماضي، كتحديات كارثية إضافية حولت معها المشهد الطبي إلى كابوس يوضح الانهيار العميق الذي أصاب البنية التحتية والموارد البشرية والمستلزمات الأساسية لهذا القطاع، خاصة مع الغياب شبه الكامل للكوادر الطبية في بعض الاختصاصات.
فخلال الأسبوع الماضي، ولا سيما يومي الأحد والإثنين، عانت المشافي من حالة عجزٍ شبه كاملة بعد تزايد أعداد الإصابات بالرصاص الطائش والمنفلت، والمستمرة بسبب العدوان غير المنقطع من قبل الكيان الصهيوني، فالكثير من الجرحى ينتظرون مصيرهم المجهول، في حين أن الطواقم الطبية القليلة العاملة والباقية على رأس عملها كانت تعمل فوق طاقتها، وتعاني من الإجهاد ونقص الخبرات اللازمة للتعامل مع هذا الكم الهائل من الحالات الإسعافية والمرضية في الوقت نفسه، بالرغم من حالات التطوع التي حاولت سد بعض العجز في نقص الكوادر الطبية، على إثر إطلاق المشافي في دمشق وريفها نداءات استغاثة متكررة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، التي دعت إلى تقديم الدعم العاجل، وطالبت بعودة الكوادر الطبية إلى العمل.
لكن الكارثة لم تكن مقتصرة على غياب ونقص الكوادر الطبية فقط، بل بشح المواد وافتقار المشافي المركزية في دمشق، كالمجتهد والمواساة، للمعدات الأساسية مثل أجهزة الأشعة وأدوات الجراحة، وحتى الأدوية الحيوية مثل المضادات الحيوية والمسكنات.
إن انهيار المنظومة الصحية في دمشق دليل على مدى ما وصل إليه القطاع الصحي هشاشة بسبب السياسات التدميرية التي اتبعها النظام الساقط، فإذا كان الوضع بهذه المأساوية في أكبر المشافي في دمشق، فما هو الحال في مشافي باقي المحافظات؟
فتداعيات انهيار المنظومة الصحية خطِرة على المواطن، ليس بسبب ارتفاع أعداد الوفيات وانتشار الأمراض والكثير من المعاناة والألم، بل بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف العلاج وتضاعف أسعار الأدوية، فكل ذلك جعل المواطن يعيش في كابوس حوّل الحصول على العلاج إلى حلم بعيد المنال!
في ظل سوداوية المشهد نتساءل هل من مخرج؟ وهل هناك أمل بإحداث تغيير حقيقي في واقع القطاع الصحي المنهك؟
إن النهوض بالقطاع الصحي ليس مجرد ضرورة وحاجة إنسانية، بل هو حجر أساس في إعادة بناء الوطن وتحقيق الاستقرار، لأن المواطن هو الضحية الأولى لتراجع وترهل هذا القطاع الذي وصل إلى مرحلة الإنهاك.
فما يعانيه المواطنون اليوم لا يحتمل التأجيل، وأيّ تأخير في تحسين الواقع الصحي سيؤدي إلى مزيد من المآسي والكوارث، فإعادة النهوض بالقطاع الصحي ليس مطلباً ترفياً، بل واجباً أخلاقياً وإنسانياً ووطنياً لتخفيف الألم عن شعب عانى بما يكفي، ولعل من أولى الأولويات على عاتق الحكومة المؤقتة الآن هي الحد من تراجع القطاع الصحي وتقديم ما يلزم لاستمراره بعمله، فيما يقع على عاتق الحكومة الانتقالية أن تكرس دعم القطاع الصحي وضمان العلاج المجاني الكامل في المشافي العامة للمواطنين كافة في نص الدستور القادم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1205