المواد الغذائية وهم انخفاض الأسعار والخشية من الدولرة القادمة!

المواد الغذائية وهم انخفاض الأسعار والخشية من الدولرة القادمة!

على الرغم من الحديث عن الانخفاض النسبي على أسعار معظم السلع الغذائية في الأسواق، فإن من المفيد التوضيح أنه ليس انخفاضاً بنسبة 50٪ كما يصر البعض على تداوله وتسويقه، سواء في أحاديثهم العامة أو على منصات التواصل الاجتماعي.

فما حدث من الناحية العملية هو عودة الأسعار إلى ما كانت عليه قبل حال الانفلات والاستغلال، بسبب إصابة الأسواق بحال مؤقت من عدم الاستقرار بنتيجة سقوط النظام البائد.

المزاودة على قدرة المواطن الشرائية

على سبيل المثال كيلو السكر الذي تجاوز 30 ألف ليرة نتيجة زيادة الطلب واحتكار التجار، ما لبث أن عاد اليوم إلى سعره السابق، ألا وهو 12 ألف ليرة، فهل يسعنا تسمية هذا انخفاضاً بالأسعار أم مزاودة على المواطنين من قبل التجار المتحكمين بالأسواق؟
وما حدث لمادة السكر حدث للزيت النباتي، الذي تجاوز 45 ألف ليرة لليتر، ليعود اليوم إلى سعره السابق ألا وهو 23 ألف ليرة، وكذلك السمنة والبرغل والأرز والمناديل الورقية والقهوة، وجميع السلع الاستهلاكية.
فهل يسعنا تسمية ما يحدث انخفاضاً، وإلى أي حد نستطيع التفاؤل؟
فإذا اتفقنا أن ما يحدث هو أمر طبيعي كنتيجة لعودة دور قوى العرض والطلب لحالتها السابقة من جهة، ونتيجة لكبح أطماع التجار والحيتان من جهة ثانية، فإن الأسعار لم تنخفض عملياً، وهي ما زالت بالتالي أعلى من قدرة المواطن المفقر الشرائية!

أسعار الخضار والفواكه إلى أين؟

كلنا سعدنا بعودة أسعار الخضار والفواكه إلى رشدها، فبعد أن تجاوز سعر البطاطا 10 آلاف ليرة، تعود اليوم لتقارب 4 آلاف ليرة، كذلك الحال بالنسبة للبندورة التي سجلت 2 إلى 3 آلاف ليرة، والخيار الذي قارب 6 آلاف ليرة، حتى الورقيات بعد أن ارتفعت إلى 3 آلاف للحزمة عادت لتعادل 1000 ليرة للحزمة الواحدة.
ونكرر أن هذه العودة هي عودة الأسعار إلى ما كانت عليه وليس انخفاضاً، وعلى الرغم من ذلك هو أمر طبيعي، خاصة بعد عودة الاستقرار إلى الأسواق نسبياً، وفتح سوق الهال لأبوابه وعودة حركة البيع والشراء.
لكن اللافت هو ظهور نوعيات ممتازة من الخضار والفواكه لم نكن نشهدها من قبل في أسواقنا الشعبية، كالموز الممتاز، الأناناس، الأفوكادو والتفاح التصديري الفاخر، حتى البندورة والبطاطا هناك فرق واضح في النوعيات وبأسعارها الاعتيادية، أو ربما أعلى بقليل.
عند البحث عن أسباب هذه الظاهرة اللطيفة فعلياً، والتي جعلت العديد من الأسر المفقرة تتعرف على بعض أصناف فواكه الطبقات المخملية، بعد سنوات طويلة من الحرمان والإذلال حتى في الطعام، يتبين أنه بسبب وقف عمليات التصدير.
وبهذا الصدد يصح القول ربّ ضارة نافعة، فوقف عمليات التصدير ربما وضعت التجار أمام معضلة الخيار بين فساد بضائعهم أو تسويقها محلياً وبهوامش ربح ليست كبيرة كي تباع قبل أن تتلف!

نحو الدولرة سر!

ما حدث يدفعنا للتأكد بأن الأسعار الحالية ماهي إلا طفرة وليدة الظروف الحالية، وهي غير ثابتة وستتغير لاحقاً مع أسعار الخضار والفواكه والغذائيات الأخرى لتعود إلى الارتفاع غالباً، طالما أن من يحكم الأسواق ويتحكم بها هم كبار الحيتان الذين اعتادوا على الأرباح الكبيرة والاستغلالية.
فرغم صدور بيانات وتعاميم من حكومة تصريف الأعمال بمنع الاحتكار إلا أننا نتساءل إلى أي حد ستطبّق هذه التعاميم على سوق اعتاد الانفلات وحيتان اعتادوا الاستغلال، خاصة وقد فسح المجال أمامهم للتسعير وفقاً لمتغيرات سعر الصرف الدولارية!
بمطلق الأحوال يبدو أن مستقبل الأسعار سيبقى رهناً بسرعة استقرار الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد، ليبقى السؤال الأهم: هل يستطيع المواطن المفقر الصمود في مواجهة الضغوط السعرية التي أصبحت دولارية، فيما دخله المحدود أصيب بعجز إضافي أمام تغول الدولرة على حياته ومعاشه وخدماته؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
1205