زيادة أسعار الإسمنت وبعض التداعيات السلبية!
وافقت رئاسة مجلس الوزراء على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة تأييد مقترح وزارة الصناعة بتعديل سعر مبيع مادة الإسمنت البورتلاندي المعبأ عيار 32.5 المنتج لدى القطاع العام ليصبح بمبلغ (1.950.000) ليرة سورية/طن، متضمناً التكاليف وهامش الربح ورسم الإنفاق الاستهلاكي، وعلى أن يتم تسعير باقي أصناف الإسمنت وفق المعادلات المحسوبة لدى الشركة المنتجة لها.
وأوضح مدير عام الشركة العامة لصناعة وتسويق الإسمنت ومواد البناء «عمران» أن موافقة اللجنة الاقتصادية على مقترح وزارة الصناعة تم بناء على الدراسات التفصيلية المتعلقة بارتفاع تكاليف ومحلات الإنتاج. وبيّن أن أسعار حوامل الطاقة المتضمنة الكهرباء ارتفع الكيلواط من /1150/ إلى /2150/ ليرة، وكذلك طن الفيول من /7/ ملايين إلى /9/ ملايين، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الخام والقطع التبديلية، إلى جانب زيادة الرواتب والأجور بنسبة 100 %، حيث أدى ذلك إلى ارتفاع التكاليف بزيادة بنحو 350 ألف ليرة.
الموافقة والمبررات أعلاه، ومن دون الغوص بالكثير من تفصيلاتها، تشير بوضوح إلى مدى تأثر الأسعار بتكاليف حوامل الطاقة، وهي من النتائج المباشرة لسياسات تحرير أسعارها بعد استكمال مسيرة قضم الدعم عنها!
لكن ما مدى تأثير زيادة أسعار الإسمنت المتتالية على القطاعات التي تعتمد عليه، والحديث هنا على أسعار العقارات وبدلات الإيجار ومشكلة السكن المزمنة!
فزيادة أسعار الإسمنت بشكل رسمي بين الحين والآخر خلق ويخلق تأثيرات واسعة مرتبطة بهذه القطاعات، ومن أبرزها:
ارتفاع تكلفة البناء وتكاليف الإنشاءات، فالإسمنت يعد مادة أساسية في البناء، والارتفاعات السعرية عليه ستؤدي مباشرة إلى زيادة في تكلفة بناء العقارات، بما يتناسب مع الزيادات السعرية، مع هوامش إضافية أيضاً، وهذا الأمر سيؤدي إلى تسجيل المزيد من التراجع والتباطؤ بحركة البناء، بما في ذلك المشاريع السكنية الخاصة بذوي الدخل المحدود التي تقوم بها بعض الجهات العامة!
مع ارتفاع تكلفة البناء سترتفع أسعار العقارات بشكل طبيعي، وخاصة الجديدة منها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن العقارات القديمة القائمة لن تستثنى من ذلك، لكنها ستستفيد من آليات العرض والطلب، والهوامش الربحية الإضافية التي سيتم ضمانها كنتيجة لذلك لمصلحة التجار والسماسرة!
بدلات الإيجار ستتأثر أيضاً بارتفاع أسعار العقارات، فأصحابها وبذريعة التعويض عن تكاليفهم واستثماراتهم سيرفعون بدلات الإيجار على المستأجرين، مما يزيد من الأعباء عليهم، وخاصة أصحاب الأجور والمفقرين، في ظل الواقع الاقتصادي المعيشي المتردي، وفي ظل تراجع قدرتهم الشرائية تباعاً، بالتوازي مع ثبات أجورهم وهزالتها!
زيادة تكاليف البناء وارتفاع أسعار العقارات وبدلات الإيجار سيؤدي إلى صعوبات إضافية في تأمين السكن، وخاصة للغالبية من أصحاب الأجور، الذين سيلجؤون أكثر إلى مناطق المخالفات والعشوائيات ذات التكلفة الأقل نسبياً، والنتيجة زيادة الضغط على هذه المناطق، مع زيادة توسعها وتعمق مشكلاتها!
ارتفاع تكاليف المواد الأولية للبناء سيدفع المستثمرين في القطاع العقاري، بغض النظر عن مكان استثماراتهم، في المناطق المنظمة أو في مناطق المخالفات والعشوائيات، إلى تخفيض استثماراتهم فيه، أو الانسحاب منه، وستتوجه بعض الاستثمارات، أو ما تبقى منها، إلى بعض القطاعات الأكثر استقراراً والأعلى ربحاً، أي مزيد من التشوه في قطاعات الاستثمار!
تراجع الاستثمار في الإنشاءات العقارية وحركة البناء سيؤدي إلى زج المزيد من البطالة في سوق العمل، فكل العاملين في هذا القطاع ستتأثر أعمالهم ومهنهم سلباً بنتيجة تراجع هذا الاستثمار وحركة البناء!
ما سبق أعلاه من سرد لبعض التأثيرات المباشرة لقرار بسيط بنظر الحكومة مثل قرار زيادة أسعار الإسمنت، وبغض النظر عن مبررات وذرائع هذه الزيادة، تعتبر تأثيرات كارثية بمقاييس الاقتصاد، وهي لا شك ليست بعيدة عن أذهان الحكومة والرسميين، ومع ذلك هناك الكثير من اللامبالاة حيالها، بدليل فرض زيادات متتالية على أسعار الإسمنت ومواد البناء ومستلزماته بين الحين والآخر!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1203