لمصلحة من تهديد العمال بالتسريح؟

لمصلحة من تهديد العمال بالتسريح؟

رغم الكوارث التي تعرضت لها الطبقة العاملة السورية، والتي أصابت لقمتها وكرامتها جراء التهجير والنزوح وفقدان مكان العمل الذي هو مصدر رزقها الوحيد الذي يؤمن لها كفاف العيش، يضاف إليها سبب آخر مكمل للأسباب السابقة وهو ارتفاع الأسعار الجنوني غير المبرر في معظم جوانبه، ولكن الحكومة دائماً تسعى لإيجاد ما يبرر ارتفاع الأسعار وانخفاض مستوى المعيشة الذي تعزيه الحكومة للحصار الجائر المضروب على سورية،

وهذا صحيح في جزء منه مع ان القسم الأخر من الإجابة لا تعرَج عليه الحكومة كثيراً وهو الاحتكار الواسع للمواد الغذائية الجاري من كبار الفاسدين الممولة مستورداتهم من الحكومة أي من أموال الشعب السوري المفترض أن تدار وفقاً لمصلحة الشعب المحتاج لها في ظروف الأزمة الطاحنة التي يتعرض لها سياسياً واجتماعياً وأمنياً واقتصادياً، عوضاً عن توزيعها كهبات للقاصي والداني من أصحاب الرساميل التي ازداد تمركزها أضعافاً عما كانت عليه قبل الأزمة، أي ازداد الأغنياء غنى وأزداد الفقراء فقراً، وهذا الانحياز الواضح لجانب الأغنياء يعني التأسيس لإعادة إنتاج الأزمة مرةً ثانية، وهذا يتطابق مع المثل الشعبي القائل «كأنك يا أبو زيد ما غزيت»، حيث من المفترض قطع الطريق بكل الوسائل على إعادة انتاج الأزمة بقطع الصلة مع السياسات الليبرالية التي مازالت الحكومة تسير وفقها بالرغم من التحذيرات الكثيرة التي تطلقها القوى الوطنية، بما فيها الحركة النقابية من مخاطر الاستمرار في اعتماد اقتصاد السوق كموجه وناظم للاقتصاد الوطني.

إن الطبقة العاملة كما أسلفنا تعاني الآمرين من الهجوم على مصالحها في السابق وحاليا، وهي الآن مهددة أكثر من أي وقت سابق بلقمة عيشها، وهذا التهديد يأتي من مصادر مختلفة، توحي بها جهات عدة، مفاده أن ما يقدم للعمال في ظروف الأزمة من أجور يرتب أعباءً ماليةً كبيرة والحكومة ومن حولها تعتبر هذه الأجور هي منة وحسنة منهم، ولابد في هذه الحالة طالما أن العمال تغمسّ في الصحن المقدم لها أن تشكر الله على ما أنعم عليها وتكون طيعة وغير متذمرةً من واقعها، وإلاَ ستدفع ثمن ذلك، ولن تجد من يدافع عنها لقاء«نكرانها للجميل» المقدم لها على مدار الأزمة مع إنها قدمت ما لم يقدمه أحد من أجل استمرار الإنتاج تحت النار، وهذا السلوك هو تعبير عن تحمل المسؤولية تجاه أمكنة عملهم التي هي مصدر رزقهم، ودفع العشرات من العمال حياتهم ثمناً لذلك وسجلات أسمائهم تؤكد حجم التضحيات التي قدمتها الطبقة العاملة، ولا يمكن تحميلها مسؤولية توقف بعض الشركات والمعامل عن العمل و«تمنينها» بما يدفع لها من أجور، لأن الطبقة العاملة ستقوم بواجبها الوطني تجاه إعادة تدوير الإنتاج مرة آخرى، وستعيد بناء معاملها دون تهديد أو وعيد من أحد.