بانتظار الحل.. رواتب في متاهة الأزمة!

بانتظار الحل.. رواتب في متاهة الأزمة!

اشتكى عدد غير قليل من الموظفين في المناطق الشمالية الشرقية، تأخر استلام رواتبهم لعدة أشهر، وذلك في ضوء تعثر وصول الاعتمادات إلى كل المناطق، أو انتقال مكان إقامة العاملين إلى محافظات أخرى، دون القدرة على تحويل رواتبهم، ما خلق صعوبة في وصولهم إلى حيث تصل الرواتب، إضافة لعدم وجود آلية مرنة لتحويل المبالغ المالية مع انتقال الموظفين

وبدأت هذه الإشكالية بالظهور منذ فترة، وخاصة مع توتر الأوضاع الأمنية التي دفعت بالكثيرين إلى تغيير مقار عملهم من تلقاء أنفسهم أو بالتنسيق مع الجهة التي يعملون لديها، فيما اضطر عدد آخر إلى عدم الالتحاق بالعمل نهائياً مع عدم توفر فروع أخرى تتبع لجهتهم، لكن تحويل رواتب هؤلاء لم يكن على السوية نفسها من السهولة، حيث واجه الكثير من العاملين صعوبات جمة بغية الحصول على الراتب، فكان البعض يتحمل مخاطر السفر في هذه الأوضاع عند نهاية كل شهر لقبض راتبه، بينما بقي البعض الآخر دون راتبه لأسباب تتعلق بطبيعة الجهة التي يعمل لديها.

رواتب لم توطن

وحول ذلك تحدث بعض موظفي التربية في محافظة دير الزور عن معاناتهم للحصول على رواتبهم بعد أن هاجروا لمناطق أخرى أكثر أماناً، حيث لا يمكنهم السفر إلى دير الزور لقبض الراتب، وهذه الحال مستمرة منذ عدة أشهر، باستثناء حالة واحدة تتمثل بوجود أحد ما في الدير يستلم الراتب للموظف من هناك، علماً أن هؤلاء الموظفين قد أمضوا السنوات الخمس المتفق عليها عند بدء التعيين وكان من المفترض توطين رواتبهم في المصارف لاستلامها عبر بطاقات الصراف الآلي، إلا أن هذا لم يحدث، لذلك كانوا يسافرون إلى محافظة الرقة عندما كانت الأحوال مستقرة لقبض الراتب والالتحاق بالدوام في دمشق، أما بعد تحول الرقة إلى مكان غير آمن على الإطلاق، بات الحصول على الراتب حصراً من دير الزور.

وأوضح الموظفون، أن «وجود علاقة شخصية طيبة مع المحاسب المالي تساعد أحياناً في إيصال الراتب، حيث يستطيع المحاسب تحويل المبلغ إلى حساب الموظف في البنك، وذلك بعد أن يكون استلمها على شكل شيكات تصرف من البنك المركزي تحديداً».

كما بين الموظفون أنهم طالبوا مراراً بتحويل رواتبهم إلى مناطق الإقامة الجديدة دون جدوى، فقد اشترطت وزارة التربية تقديم ورقة (سلامة الأجر) وهذه الورقة تصدر فقط من مديرية التربية في دير الزور حيث كانوا يعملون.

الموظف في مكان وراتبه في مكان آخر

وبدورها تحدثت هزار معلمة في طرطوس ومنتقلة من الرقة، عن الوضع وكيفية استلامها لراتبها، قائلة إنه «كان يتم تحويل الراتب إلى المصرف العقاري أو عبر شركات النقل والشحن، لكن بعد أن تم نقل مقر العمل بسبب الأوضاع ووضعنا تحت تصرف مديرية تربية طرطوس، بقي الراتب يحول إلى المعتمد في مكان التعيين الأساسي في الرقة، علماً أن بعض المناطق دون اتصالات نهائياً، لكن المحاسبين لعبوا دوراً إيجابياً بإيصال الراتب للموظفين».

وتابعت هزار قولها إنه « قدمنا طلبات لتربية طرطوس لتحويل الرواتب إلى حيث نعمل حالياً، وكانت الإجابة بأن ذلك يتطلب تقديم جداول بأسماء كل المدرسين ومخاطبة جميع المديريات»، مشيرة إلى أنه « يقال أن قراراً من وزارة التربية صدر بفرز معتمد لكل مجموعة من المدرسين من منطقة واحدة ليستلم المبلغ، لكن حتى الآن لم نر مفعول القرار على أرض الواقع، علماً أنهم رفعوا جداول للوزارة لفرز المدرسين وتحويل اعتماداتهم لمحافظاتهم، وعلمنا أن الموضوع قد يطول حتى شهر أيار القادم».

ويواجه عمال النفط ايضاً وخاصة حقول المحافظات الشمالية الشرقية البالغ عددهم حوالي700 عامل، مشكلة عدم حصولهم على رواتبهم منذ أكثر من سبعة أشهر، وما زالت الأوضاع الأمنية تقف في وجه وصول القوائم الاسمية لهؤلاء العمال إلى مديريات الحقول، بهدف صرف استحقاقاتهم الشهرية.

مهمة المركزي تأمين السيولة

ومن جهته تحدث خبير مصرفي لـ «قاسيون»، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، عن عمليات تحويل الأموال واعتمادات الرواتب للموظفين إن «جزءاً من الموظفين يحصلون على رواتبهم عبر الصرافات الآلية، وهذا مستمر مع لحظ الصعوبات بالتعامل مع الصرافات، وخروج بعضها من الخدمة نسبياً والضغط الحاصل خلال الأيام الأولى من الشهر، بينما يحصل جزء آخر من الموظفين على رواتبهم عن طريق المحاسبين».

وأشار الخبير إلى «العلاقة بين المصرف المركزي وبين المصارف في المحافظات الساخنة وخاصة المصارف العامة، حيث من المفترض أن يقوم المركزي بتأمين السيولة الكافية لها، لكن يبدو أن الإشكالية بتوفير السيولة اللازمة بالوقت المناسب، وأعتقد أن المركزي استطاع تغطية 90% من الحالات وتمت الاستعانة بالطائرات لتحقيق الغاية، أي لا يوجد نقص بالسيولة بل تأخر بوصولها للفرع».

خلو الصراف من المال غير مبرر

وأضاف إن «الرواتب تدفع عبر المصارف السورية من خلال الصرافات أو شيكات داخلية أو نقداً، وهي مستمرة جميعهاً، لكن إشكالية الضغط على الصرافات وخروجها من الخدمة هي مشاكل فنية تقنية، إلا أن العطل الفني غير مبرر لوجود شركات الصيانة، كما أن عدم وضع سيولة كافية بالأوقات اللازمة أيضاً غير مبرر، لأن عملية تغذية الصرافات يجب أن تستمر على مدار الشهر دون انقطاع».

ونوه الخبير إلى أن «انقطاع التيار الكهربائي أو مشاكل الاتصالات تعتبر طرفاً ثالثاً يعطل عملية قبض الرواتب، ويمكن حلها عبر تزويد كل الصرافات بمخزن للطاقة (inverter) ليستمر بالعمل أثناء انقطاع الكهرباء».

أخيراً وحول آلية حل إشكالية الرواتب غير الموطنة في المصارف، بيّن الخبير المصرفي إنه «يمكن حل هذه المشكلة عبر وزارة المالية والمحافظ لتنظيم موضوع الرواتب».