قُطع الشك باليقين... السورية للطيران للاستثمار التشاركي المجحف!

قُطع الشك باليقين... السورية للطيران للاستثمار التشاركي المجحف!

عاد الحديث إلى المؤسسة السورية للطيران والتشاركية الاستثمارية فيها، للسطح مجدداً، لكن هذه المرة من بوابة البدء بتفعيل عقد التشاركية مع الشركة الخاصة التي فسح لها المجال باستثمار وتشغيل وإدارة السورية للطيران!

فقد نقل تلفزيون الخبر بتاريخ 6/7/2024 نقلاً عن «مصدر مطلع في السورية للطيران»، أنه «من المتوقّع أن تطرأ تغييرات عدة في عمل المؤسسة خلال الأيام القادمة، وذلك بعد تفعيل عقد التشاركية مع شركة خاصة في قطاع الطيران، والذي ينصّ على استثمار وتشغيل وإدارة السورية للطيران».

تشاركية مجحفة رغم الملاحظات والتحفظات!

حديث المصدر أعلاه يؤكد أن عقد استثمار السورية للطيران باسم التشاركية مع القطاع الخاص حُسم أمره ووضع بالتنفيذ، ما يعني أن الحكومة مضت بالإجراءات التعاقدية مع الشركة المستثمرة، وصولاً إلى منحها إشارة البدء بتنفيذ العقد، على الرغم من الملاحظات والتحفظات المشروعة التي تناقلتها وسائل الإعلام العام الماضي على ضوء ما رشح عن الموضوع بحينه، والذي قيل بوقتها إنه «لم يبت فيه وما زال في طور المناقشة والدراسة»، بحسب صحيفة البعث بتاريخ 6/7/2023!
وبوقتها «تموز 2023» كتبت الدكتورة رشا سيروب، أستاذة في كلية الاقتصاد في جامعة القنيطرة سابقاً، أن: «موضوع التشاركية المطروح هو مع مؤسسة الخطوط الجوية السورية (وليس مطار دمشق الدولي)، أي أكبر من قضية استثمار مطار واحد، فـالخطوط الجوية السورية هي المؤسسة التي تقوم إلى جانب نقل الركاب والبضائع عبر أسطولها الجوي- لها حصرية تقديم جميع الخدمات لجميع الطائرات العربية والأجنبية التي تهبط في المطارات المدنية السورية، أي ليس فقط مطار دمشق الدولي، بل الموضوع يمتد إلى جميع المطارات السورية (مطار الباسل في اللاذقية ومطار القامشلي في محافظة الحسكة، ومطار حلب الدولي، إضافة إلى مطار دمشق الدولي) علماً أن جزءاً من المطارات المدنية هي مطارات عسكرية أيضاً. وفي حال نُفّذ المشروع بالصيغة المطروحة، فهذا يعني نقل احتكار خدمات الطيران في جميع المطارات السورية من مؤسسة عامة إلى مؤسسة خاصة تحت مسمى (إدارة واستثمار) وهذا النوع من المرافق عندما يستثمر من جهات خاصة (قد تكون أجنبية أو أجنبية بلبوس سوري) يهدد الأمن القومي!».
وبهذا الصدد تجدر الإشارة إلى ما أوردته قاسيون بتاريخ 9/7/2023 بمادة حملت عنواناً: «باسم التشاركية... يتم التفريط بمرفق اقتصادي سيادي رابح جديد!»
«السورية للطيران بعملها ومهامها ودورها تعتبر من المرافق الاقتصادية العامة المرتبطة بالسيادية الوطنية، والخصخصة باسم التشاركية بحسب السياق أعلاه تتجاوز ذرائع إعادة التأهيل بسبب ضعف الإمكانات والاعتراف بالعجز، إلى التفريط بهذا المرفق السيادي! فالتشاركية المزمع توقيع عقدها وتنفيذها رسمياً أعلاه بما يخص السورية للطيران ومطار دمشق الدولي تتجاوز الشراكة إلى المحاصصة المجحفة، والخصخصة فيها تتجاوز الجزئيات إلى الكليات على مستوى الأعمال والمهام والامتيازات كافة! وهذا التفريط لا يعني تخلي الدولة عن بعض المهام والخدمات بما يتعلق بهذا المرفق فقط، بل يعني التخلي عن سلطة الرقابة المركزية للدولة، أي تخليها عن سيادتها عليه!».

الملكية مصونة ولكن!

بحسب المصدر المطلع في السورية للطيران فإن «الملكية مصونة وستبقى لصالح السورية للطيران، أما الإدارة تذهب إلى الشركة المستثمرة، والتي ستتحمّل مسؤولية تنفيذ الأعمال والخدمات جميعها المتعلّقة بالنقل الجوي للركاب والبضائع وشراء وإيجار واستثمار الطائرات، إضافةً إلى تنظيم الرحلات الجوية وخدماتها والخدمات الأرضية، وأخذ الوكالات عن شركات الطيران، وفتح فروع داخل سورية وخارجها».
ولا ندري أين هي حدود الملكية المصونة للسورية للطيران بعد التخلي عن كل المهام المبوبة أعلاه لمصلحة الشركة المستثمرة؟!
فمدة عقد التشاركية المبرم مع الشركة المستثمرة الخاصة هي 20 عاماً، بحسب ما رشح عن صحيفة البعث بتاريخ 6/7/2023، وصلاحيات الشركة هي استثمار الملكية وامتلاك المسؤوليات والمهام كافة والمناطة بالسورية للطيران بحسب ما ورد أعلاه خلال هذه المدة!
ولا ندري كيف استقرت حدود المحاصصة بين الحكومة والشركة الخاصة أخيراً على ضوء منحها الضوء الأخضر للبدء بتنفيذ عقد التشاركية؟!
فبتاريخ 2/7/2023 نقلت صحيفة البعث عن «مصادر وثيقة في وزارة النقل»، ما يلي: «سيتم توزيع الحصص بنسبة 51% لمؤسسة الطيران العربية السورية، و49% للمستثمر الشريك استناداً إلى قانون التشاركية»!
وبتاريخ 6/7/2023 أوردت صحيفة البعث ما يلي: «ستقوم الشركة بخصوص إدارة التطوير والاستثمار من خلال ضخ استثمارات قدرها 300 مليون دولار خلال 20 عاماً... وذلك لقاء نسبة 20% من الإيرادات الصافية في أول 10 سنوات من الاستثمار، وسيتمّ رفعها لتصبح 25% من الإيرادات الصافية في السنوات الـ 10 التالية من الاستثمار».
فالملكية المصونة بحسب حديث «المصدر المطلع في السورية لطيران» تم التفريط بها لمدة 20 عاماً، مع التخلي عن جميع مهام وواجبات ومسؤوليات السورية للطيران، مع ضمان النسبة الكبيرة من الإيرادات لمصلحة الشركة الخاصة بحسب ما ورد أعلاه، سواء كانت نسبة المحاصصة 49-51%، أو 20-25% من الإيرادات الصافية، والمتحكم بها عملياً من قبل الشركة المستثمرة، على مبدأ «اللي بإيدو القلم»!
وبهذا الصدد تجدر الإشارة إلى ما نقلته البعث بتاريخ 6/7/2023 عن الخبير والمستشار المصرفي عامر شهدا، الذي بيّن أن: «الشركة المستثمرة تطلب 20% من الإيرادات الصافية أول 10 سنوات ترفع إلى 25% لعشر سنوات أخرى لقاء استثمار 300 مليون دولار تضخ على مدار 20 سنة، وهذا يعني أن استرجاع رأس المال خلال خمس سنوات مع انقضاء السنوات العشر سيعيد 300 مليون أخرى، والعشرة التي تليها 750 مليون دولار، أي استثمار 20 عاماً سيحقق لهم بالحدّ الأدنى مليار دولار».
وتساءل شهدا بحسب البعث: «هل شركة الطيران السورية شركة خاسرة رغم أن بيانات الشركة المالية تثبت أنها رابحة؟ ومن هي الجهات الدارسة لجدوى العرض؟ وهل القوائم المالية الناتجة عن دراسة الجدوى– إن وجدت– سرية؟ فالمطروح للاستثمار أموال (مال عام)؟».
فعن أية ملكية يتم الحديث، وكيف هي مصونة بعد كل هذا التفريط؟!
فالحكومة مستمرة بسياساتها التفريطية بمهام وواجبات الدولة، مع استمرارها بالتفريط بالقطاعات الاقتصادية الهامة تباعاً، وذلك لمصلحة كبار أصحاب الأرباح، اعترافاً بالعجز وبذريعة ضعف الإمكانات، وتحت عناوين الاستثمار والتشاركية سيئة الصيت، ولا ندري ما في جعبة السياسات الرسمية من قطاعات إضافية مستهدفة بالتفريط مستقبلاً على أيدي الحكومات القادمة!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1184