بدعة ربحية جديدة لمصلحة البعض على حساب المواطن!

بدعة ربحية جديدة لمصلحة البعض على حساب المواطن!

بعد أن تفتحت العين الرسمية على أهمية الدفع الإلكتروني وضرورة تعميمه وصولاً إلى الإلزام به، مع إدراكها عدم توفر البنى التحتية والتقانات الكافية واللازمة لهذه العملية، تتفتق العقلية الرسمية بين الحين والآخر ببدع إضافية تحت عناوين تسهيل هذه العملية الانتقالية لتعميم الدفع الإلكتروني!

وطبعاً لا تغفل الحكومة عن منح المزيد من فرص التربح تحت عنوان الدفع الإلكتروني، سواء للمصارف العاملة (عامة وخاصة)، أو لبعض الشركات من خلال الاستفادة من بنيتها التحتية والتقنية مثل شركات الخليوي، وغيرها من الشركات المالية الأخرى!
والأمر لم يقف عند ذلك فقط، بل تم فسح المجال لمعتمدين خاصين إضافيين لتنفيذ عمليات سحب وإيداع للعملاء من أصحاب الحسابات المصرفية، كبدعة جديدة تحقق أرباحاً مضمونة لهؤلاء المعتمدين على حساب المتعاملين!
ففي خبر صحفي ورد على صفحة مصرف سورية المركزي بتاريخ 12/7/2024 ورد التالي: في إطار السعي المستمر لمصرف سورية المركزي في تحقيق النفاذ المالي بأقصى الدرجات الممكنة وبما ينسجم مع التوجهات الحكومية. فقد أصدر مجلس النقد والتسليف القرار رقم 102/م ن تاريخ 11/7/2024 المتضمن السماح للمصارف العاملة في الجمهورية العربية السورية التعاقد مع (أشخاص طبيعيين أو اعتباريين) ممن لديهم سجل تجاري كمعتمدين لتنفيذ عمليات السحب والإيداع للعملاء أصحاب الحسابات المصرفية بحيث يتم ذلك من قبل المعتمد عبر القنوات الإلكترونية الخاصة بالمصرف والمعتمدة أصولاً. ووفق هذه الآلية أصبح بإمكان العميل صاحب الحساب المصرفي تنفيذ عملية سحب وإيداع من حسابه عن طريق المعتمد المتعاقد مع المصرف فاتح الحساب وبسقوف محددة بمبلغ ٧٥٠ ألف ليرة سورية لعملية الإيداع و٥٠٠ ألف لعملية السحب بما يلبي احتياجات العملاء الأساسية كمنفذ إضافي للمنافذ المصرفية الحالية المتمثلة بالفروع والمكاتب والوحدات المتنقلة وغيرها من القنوات المتاحة بما يساهم في تسهيل إجراءات استخدام الحساب المصرفي من قبل العميل ولا سيما في المناطق البعيدة عن مقرات المصارف.
البدعة الجديدة أعلاه تعني شرعنة الوساطة بين المصارف العاملة (عامة وخاصة) وبين المتعاملين من أصحاب الحسابات المصرفية، وهي في الواقع العملي، وبغض النظر عن تبريرات تسهيل عمليات النفاذ المالي وغيرها، بوابة ربح مضمونة فتحها المصرف المركزي للبعض تحت مسمى «معتمدين لتنفيذ عمليات السحب والإيداع للعملاء أصحاب الحسابات المصرفية» على حساب ومن جيوب أصحاب الحسابات المصرفية!
مع الأخذ بعين الاعتبار أن المصرف المركزي، ومن خلال الخبر الصحفي أعلاه، أغفل ذكر هامش العمولة التي سيتم تقاضيها من المتعامل لمصلحة الوسيط!
وكذلك فإن تبرير وشرعنة بدعة الوساطة المصرفية أعلاه تعني تماماً الاعتراف بعدم قدرة البنى التحتية والتقانات المتاحة في المصارف وشركات الدفع الإلكتروني للانتقال إلى آليات الدفع الإلكتروني، وكذلك تعني أن الإلزام بهذه الآلية كانت متسرعة!
فالتقصير الحكومي على مستوى تأهيل العمل المصرفي والمالي عبر المصارف العاملة قبل الشروع في تبني آليات الدفع الإلكتروني والإلزام فيه، وبما يحقق فعلاً مصلحة المواطن ويخفف الأعباء عنه، هو ما فسح المجال أمام الإبداعات الرسمية بالاعتماد على بعض الشركات الخاصة، التي لا يفترض بها أن تقوم بمهام العمل المصرفي والمالي، مثل شركات الخليوي، وصولاً إلى هذا النمط من المعتمدين كوسطاء ماليين (أشخاص طبيعيين أو اعتباريين) يتم الاكتفاء بأن لديهم سجلاً تجارياً فقط!
ولا ندري بعد البدء بتنفيذ آليات الوساطة المالية بين المصارف والمتعاملين كيف سيكون عليه الحال بالنسبة للسرية المصرفية التي سيضرب بجزء منها عرض الحائط، وبالنسبة لاحتمالات عمليات الاحتيال المالي على حسابات المتعاملين المصرفية، في ظل تفشي الفساد والنهب وآليات التهرب من مسؤولياته والتغطية عليه؟!
وفي ظل هذا النمط من اللامبالاة والاستهتار والتسرع ربما ما علينا إلا أن ننتظر المزيد من البدع للتغطية على التقصير الرسمي، مع ضمان الأرباح السهلة والسريعة لمصلحة البعض (شركات وأفراد) على حساب ومن جيوب المواطنين أصحاب الحسابات المصرفية!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1183