البحارة السوريون حقوق مهدورة وبلا نقابة!
يحتفل البحّارة عبر العالم في الخامس والعشرين من حزيران من كل عام بيومهم العالميّ الذي أعلنته المنظّمة البحريّة الدوليّة.
إلا أن هذا الأمر لا ينسحب على السوريين منهم، والذين يعانون بالإضافة إلى أعباء مهنتهم ومخاطرها أعباءً من نوع خاص، منها العمل في سفن لا تراعي الشروط الإنسانية المتعلقة بهم، والاحتيال من قبل السماسرة، واستغلال مُلّاك ومستثمري قطاع النقل البحري (السوريين) الخاص، والعام (سابقاً).
واجبات بلا حقوق!
يمر هذا اليوم على البحارة السوريين كما كل عام في ظروف غير طبيعية وغير إنسانية، باستثمار ونهب مستمر لجهودهم وتعبهم!
ومع أنّ أجور البحارة بمختلف فئاتهم تعدّ الأعلى محلياً قياساً بأجور الموظفين وعمّال القطاع الخاص على البر، إلا أنّ أجورهم- وفق جدول أجور طواقم السفن الصادر عن المديرية العامة للموانئ- تبقى هي الأدنى عالمياً، والذي أصبح حجة يتمسك بها مُلّاك ومديرو السفن لعدم منح البحارة عقود عمل حقيقيّة، وليصبح حتى هذا الأجر المتفق عليه معدوماً، عدا عن العمل في ظروف مجهدة وقاسية بلا أجر بسبب أزمة مالية قد يمر بها المستثمر «المحمي بالقانون» دون أدنى حق بالمطالبة بالحقوق بسبب ما يلاقيه البحّارة من نبرات تهديد ووعيد بإنهاء العقد وخصم نسبة من الأجر كعقوبة، كما أتاحت له نهب ثلثي قيمة الأجر الشهري الحقيقي وتوزيع ما بقي «بالقطّارة»، تحت اسم «الشهرية» و«الإكراميّة»، والتي أصبحت كإبرة البنج المراد منها احتواء غضب البحّارة!
كل ذلك يجري في ظل انعدام رقابة حقيقيّة من نقابة حقيقيّة!
فعقد العمل البحري بالنسبة لمُلّاك ومستثمري السفن المحلييّن هو الإسفين الفعليّ لكبح أي محاولة لتحسين ظروف العمل أو لزيادة الأجر!
فهو يتيح للمستثمر ضرب البحارة «بيد القانون الحديدية» عن طريق إنهاء عقود عملهم تعسفياً، أو نقلهم دون الرجوع إليهم!
أما عن تلك العقود فهي غالباّ عقود إذعان ورضوخ واستغلال للحاجة الشديدة للعمل والمرتبطة بالبحر، والذي يُفقد البحّار عبر القبول بها أغلب حقوقه!
وتجدر الإشارة إلى أن قاسيون سبق لها أن افردت مادة عن واقع البحارة السوريين بتاريخ 1/11/2020 بعنوان «البحارة السوريون بلا حقوق...»، ومما ورد فيها: «النبذ والرخص لم يقتصر على تطنيش وغياب دور الدولة، أو تغيّبها، بل تعداها إلى الحرمان من وجود نقابة تقوم بتمثيل دور حقيقي للعاملين السوريين في البحر، بالإضافة إلى ازدهار عمل السماسرة الذين يتقاضون مبالغ عالية بالنسبة للدخل، فأقل ما يُدفع هو مرتب شهر، حسب الرتبة، ومن ثم الاحتكار الواسع للعمالة ومنع تشغيل الجيل الجديد».
ما هو الحل إذاً؟!
حال البحارة السوريون كحال السفن التي تصارع الرياح العاتية لتكمل سيرها، فإذا كانت أشرعتها قويةً بالقدر الكافي تتمكن من شق عباب البحر، أما غير ذلك فإن مصيرها ستتقاذفه الرياح!
والحل هو تشكيل نقابة حقيقية تدعم حق البحارة السوريين في ظروف عمل لائقة في كل جانب من جوانب عملهم ومعيشتهم، بما في ذلك ضمان ما يلي:
تحديد الحد الأدنى للسن.
الالتزام باتفاقيات العمل.
تحديد ساعات العمل والراحة.
الالتزام بدفع الأجور والتعويضات بمواعيدها.
ضمان الحق بالإجازة السنوية مدفوعة الأجر، والعودة إلى الوطن.
ضمان الرعاية الطبية على متن السفينة.
الحق باستخدام خدمات الإقامة والطعام والتموين.
ضمان حماية الصحة والسلامة والوقاية من الحوادث.
وغيرها الكثير من الحقوق المهدورة، والتي لن تتحقق إلا بوعي البحارة الحقيقي لواقعهم ولظروف عملهم، وللفرز الطبقي الذي أنتجته القوانين المنحازة كلياً إلى طرف المستثمر وبالضد مع مصلحة البحّارة، وصولاً إلى تشكيل نقابتهم الخاصة التي ترعى وتضمن حقوقهم بالقدر الكافي!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1181