زيادة أجر ساعات التدريس الإضافي.. تهليل وتباهٍ رسمي في غير مكانه!
كان للشأن التربوي والتعليمي حصة من الأجندة الحكومية الإعلامية هذا الشهر، فبعد صدور المرسوم رقم (121) لعام 2024 الخاص بزيادة أجر ساعات التدريس الإضافية، انهالت البشائر بتحسن الواقع التعليمي الآيل للانهيار!
فحسب تصريحات وزير التربية محمد عامر المارديني لصحيفة «الوطن»: «يعتبر من المراسيم المهمة لدعم قطاع التربية، ويعالج أحد أسباب نقص الكوادر التربوية، من خلال رفع أجور تدريس الساعات الإضافية... بعد تطبيق المرسوم اعتباراً من العام الدراسي القادم سيساهم في سد النقص في الشواغر التي نعاني منها».
فهل الزيادة في أجر ساعات التدريس الإضافية ستنهض بالواقع التعليمي وتحقق قفزة فارقة فيه؟
وهل حقاً سيكون لها دور في استقرار واقع العملية التدريسية، وتنفيذ الخطة الدراسية، واستقطاب الخبرات من الخريجين الجامعيين لمختلف الاختصاصات لسد النقص الحاصل في أعداد المدرسين، بحسب التصريح اعلاه؟
بعض تفاصيل المرسوم
نص المرسوم على ما يلي: يمنح المكلف بالتدريس بالساعات الإضافية في مدارس التعليم الأساسي والمدارس الثانوية والثانويات المهنية والصناعية ومراكز التدريب المهني، سواء أكان من داخل الملاك أم من خارجه أجراً عن حصة التدريس النظرية أو العملية التي يدرسها فعلاً، وفقاً للشهادة العلمية التي يحملها وذلك وفق الآتي:
حملة شهادة الإجازة الاختصاصية في التدريس 5000 ل.س.
حملة شهادة الإجازة غير الاختصاصية في التدريس 3600 ل.س.
حملة شهادة أحد المعاهد المتوسطة والتقانية 3425 ل.س.
حملة الشهادة الثانوية 3350 ل.س.
أجور وتعويضات أكثر من هزيلة!
قبل الخوض بتفاصيل الزيادة أعلاه، ومدى تأثيرها على حياة المدرسين وواقعهم المعاشي، تجدر الإشارة إلى أن المدرسين هم أصلاء ووكلاء، وأجور الأصلاء محكومة ومسقوفة بالفئة بحسب جداول الأجور في الجهات العامة، وهي بوسطي شهري بالكاد يصل إلى 500 ألف ليرة للفئة الأولى، أما الوكلاء فأجورهم تحسب وفقاً لبرنامج ساعات تدريسية مسقوفة بـ27 ساعة بالأسبوع، وبأجر زهيد، فأجرة ساعة التكليف وفق المرسوم 8 لعام 2021 بالنسبة لحملة شهادة الإجازة الاختصاصية في التدريس هي 600 ليرة سورية، أي بواقع شهري مسقوف وفقاً لعدد الساعات بمبلغ إجمالي يقارب 70 ألف ليرة فقط، وهؤلاء يعتبرون موسميين غير مشمولين بالتعويضات والضمانات، وفوق ذلك يتقاضى هؤلاء مستحقاتهم بعد مضي ثلاثة أشهر بالحد الدنى!
وفي الواقع الفعلي، فإن سقف ما يمكن أن تتم الاستفادة منه كساعات تدريس إضافية وسطياً، سواء بالنسبة للأصلاء أو الوكلاء، هو بمعدل 4 ساعات أسبوعياً، ووفقاً للمبالغ المقرة لقاء ساعات التدريس الإضافية بحسب المرسوم أعلاه، فإن السقف الذي يجنيه حامل شهادة الإجازة الاختصاصية في التدريس الإضافي في الأسبوع مبلغ وقدره 20 ألف ليرة، وبإجمالي شهري لا يتجاوز 80 ألف ليرة، خاضع للضرائب والرسوم طبعاً!
فالمدرسون، سواء كانوا أصلاء أم وكلاء، يسعون لزيادة ساعات عملهم الإضافية، رغم الانهاك من ساعات التدريس المكلفين بها، وذلك لسد جزء من الاحتياجات الضرورية لحياتهم ومعاشهم!
فأجر المدرس مع تعويضاته، رغم التهليل والتباهي بالزيادات الطارئة على الأجور أو على التعويضات، ما يزال لا يكفي لتغطية النفقات على المواصلات من وإلى المدرسة، ناهيك عما يتحمله من نفقات إضافية على بعض مستلزمات العملية التعليمية من جيبه، وعلى حسابه، بسبب عدم توافر هذه المستلزمات بنتيجة سياسات تخفيض الإنفاق العام!
فهل يمكن الحديث بعد ذلك عن سد النقص الحاصل بالمدرسين، أم أن عوامل النبذ من التدريس ستستمر لتسجل المزيد من النقص بالمدرسين في المدارس الرسمية، مع ما يتبع ذلك من تردٍ وتراجع في العملية التعليمية بمجملها؟!
مزيد من التراجع والترهل!
على الرغم من معرفة وزارة التربية والحكومة بهذا الواقع المجحف والظالم المفروض على المدرسين وحقوقهم المهدورة، فهي تصم آذانها عنه تماماً، مستمرة بسياساتها التدميرية للقطاع التعليمي!
وبكل اختصار، يمكن القول: إنه بدون معالجة أس المشكلة المتمثلة بالأجور الهزيلة، فلا يمكن معالجة مشكلات الواقع التعليمي بمدخلاته ومخرجاته، والمنظومة التعليمية والتربوية ككل، المحكومة بجملة من السياسات والموبقات الرسمية التي تدفع بها إلى المزيد من التراجع والترهل، من سياسات تخفيض الإنفاق العام إلى سياسات الخصخصة المعلنة وغير المعلنة، وما بينها من قرارات وتوجيهات وآليات عمل وممارسات!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1179