التوجه الرسمي تجاه الصناعيين «صحيح لا تقسم ومقسوم لا تاكل»!

التوجه الرسمي تجاه الصناعيين «صحيح لا تقسم ومقسوم لا تاكل»!

فقد طالب عدد من الصناعيين، عبر اتحاد غرف الصناعة بتاريخ 15/5/2024، ممن لم يفقدوا الأمل من الحكومة والرسميين بعد، بإعفاء مستوردات المنشآت الصناعية الراغبة بتركيب منظومات طاقة شمسية من رسم الضميمة على مستوردات ألواح الطاقة الشمسية الذي فرضته الحكومة في الآونة الأخيرة، بهدف تخفيف جزء من الأعباء المادية عنهم وتمكينهم من الاستمرار بالعمل، ولكن قوبل الطلب بالرفض الحكومي!

تواصل الحكومة نهج الضغط والتضيق على الصناعيين بوتيرة مستمرة وأشدُ وطأة بنتائجها الكارثية على الصناعة والإنتاج الصناعي!

تشجيع خلبي!

فبعد الإصرار على رفضها التام لمطالب القطاع الصناعي المُحقة والمُلحة بدعم الإنتاج الصناعي والمنشآت الصناعية والصناعيين، عبر توفير مستلزمات الإنتاج وخاصة حوامل الطاقة وتخفيض أسعار الكهرباء، رفضت الحكومة إعفاءهم من «الضميمة» المفروضة أخيراً على مستوردات ألواح الطاقة الشمسية، التي لجأوا إليها كحلّ بديل بعد نفاذ جعبتهم، ويأسهم من التجاوب الحكومي مع مطالبهم، وخاصة الطاقوية!
فالحكومة ماضية بتنفيذ سياساتها وتوجهاتها الكارثية، غير آبهة بالصناعة الوطنية أو بالاقتصاد الوطني!
مع الأخذ بعين الاعتبار بأن الحكومة هي من شجع على ضرورة توجه المستثمرين والصناعيين إلى مشروعات الطاقة البديلة لتأمين احتياج منشآتهم من حوامل الطاقة، وبعد رفضها لمطالب خفض أسعار الطاقة الكهربائية على المنشآت الصناعية كان يفترض منها أن تترجم ذلك من خلال منح هؤلاء بعض المشجعات والمزايا، وبالحد الأدنى التجاوب مع المطلب المستجد أعلاه بما يخص الضميمة المفروضة، لكن أياً من ذلك لم يتم!

تعامٍ مستمر ومقصود!

للتذكير فقد التقى وفد حكومي، ضم وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة، بالصناعيين في حلب بتاريخ 17-18/1/2024، وخرج بحزمة من الوعود التي لم تثمر على أرض الواقع!
وبعد مطالبات الصناعيين بتخفيض أسعار الطاقة الكهربائية أصدرت وزارة الصناعة بتاريخ 9/4/2024 بياناً تجاهلت فيه مطالب الصناعيين المُحقة، وقزمت مشاكلهم، وتحت مسمى التعاون طلبت منهم الصمت والاستكانة بشكل غير مباشر، بياناً تحللت خلاله من مسؤولياتها ومن واجبات الحكومة تجاه الصناعة والصناعيين والعملية الإنتاجية!
لم يستكن الصناعيون، بل عقدوا اجتماعاً موسعاً بتاريخ 20/4/2024، ضم أكثر من 300 صناعي يمثلون قطاعات الإنتاج الصناعي في البلاد على اختلافها، مع غياب أي تمثيل أو مشاركة رسمية، ومن جديد قرع الصناعيون خلال اجتماعهم ناقوس الخطر، لكن الحكومة لم تولِ مطالباتهم أي اهتمام يذكر!
فقد سطرت اللجنة الاقتصادية كتاباً موجهاً إلى اتحاد غرف الصناعة بتاريخ 30/4/2024 يتضمن بوضوح عدم إمكانية تخفيض أسعار الطاقة الكهربائية، مع تجيير الكثير من النقاط المطروحة من قبل الصناعيين كمطالب للبحث والتنسيق مع بعض الوزارات حسب الاختصاص بهدف المماطلة والتمييع!
وأخيراً تقدم الصناعيون بمطلب الإعفاء من رسم الضميمة الجديد على ألواح الطاقة الشمسية المستوردة، لكن الحكومة رفضت مطلبهم واضعةً المزيد من العراقيل أمام الصناعة الوطنية، فحتى هذا الطلب الجزئي لم توافق عليه الحكومة!
فلماذا تستمر الحكومة بوضع العثرات في طريق الصناعيين؟
وما الهدف من تضيق السُبل أمام الصناعات الوطنية؟!
ولمَن تُصاغ القرارات والتوجهات الرسمية، وعلى حساب مَن؟!

صندوق «دعم» مسحوب الدسم!

وبهذا السياق أفاد رئيس اتحاد غرف الصناعة غزوان المصري مطلع الأسبوع الماضي بأن الحكومة «تعمل على إنشاء صندوق من إيرادات الضميمة بهدف منح قروض مدعومة للصناعيين الراغبين بإقامة مشروعات طاقة بديلة لتخديم منشآتهم».
فهل الصناعيون بحاجة لقروض «مدعومة» من الصندوق المزمع إحداثه؟!
وهل سيتم العمل مع هذا الصندوق بالآلية المتبعة نفسها بقروض التشجيع على تركيب منظومات الطاقة الشمسية للمواطنين، عبر بعض الشركات الموردة المعتمدة من الصندوق دون غيرها؟!
وهل الصناعيون بحاجة لهذا الشكل من الدعم المشروط والمكلف؟!
فالحديث عن فسح المجال أمام الصناعيين لتأمين مستلزمات وتجهيزات توليد الطاقات البديلة يصبح مسحوب الدسم من خلال الضرائب والرسوم المفروضة على مستوردات هذه التجهيزات، والتي أضيف إليها رسم الضميمة البالغ 25 دولاراً على كل لوح طاقة شمسية مستورد من قبل الصناعيين، وهي تكلفة كبيرة مضافة على حسابات الجدوى الاقتصادية لمنظومات الطاقة البديلة بالنتيجة، بغض النظر عن انعكاساتها على تكاليف الإنتاج نفسها بالمحصلة!
واللجوء إلى الصندوق المزمع لن يقل تكلفة بالنسبة للصناعيين، وخاصة مع فارق النوعية والمواصفة والجودة والمصدر والكفاءة والعمر الافتراضي، سواء بالنسبة لألواح الطاقة الشمسية، أو لغيرها من المستلزمات والتجهيزات الأخرى التي تتطلبها منظومات الطاقة البديلة!

انتقائية الدعم!

فرضت الحكومة أخيراً الضميمة على السكّر المستورد وعلى ألواح الطاقة الشمسية المستوردة، وذلك بذريعة دعم الإنتاج والصناعة الوطنية الخاصة بهذه السلع، وهو أمر إيجابي بالعموم ضمن استراتيجية تقليص المستوردات وإحلال بدائلها من الإنتاج المحلي بحسب ما هو مفترض.
لكن ماذا عن دعم بقية القطاعات الإنتاجية ومنشآتها الصناعية المحلية، التي تنتج الكثير من السلع والمواد، سواء للاستهلاك المحلي أو للتصدير؟!
فهل الدعم الحكومي معمم على قطاع الإنتاج الصناعي الوطني (عام وخاص)، أم هو دعم انتقائي للبعض المحظي من الصناعيين والمستوردين بالنتيجة؟!
فاللا مبالاة الرسمية تجاه مطالب الصناعيين وتجاهلها والضرب بها بعرض الحائط مراراً وتكراراً، وتجاه صعوبات ومعيقات عمل قطاع الإنتاج الوطني (الزراعي والصناعي- العام والخاص)، يكرس النهج التدميري لكل ما هو منتج في البلاد!

واقع خطِر وملء جيوب البعض محط الاهتمام الرسمي!

واقع خطِر تعيشه الصناعة السورية، فلا دعم حقيقي، ولا اهتمام جدي للنهوض بقطاع الإنتاج الصناعي، فمجمل الخطوات التي تتخذها الحكومة بالواقع العملي تهدف إلى تقويض الصناعة في القطاعين العام والخاص، وخلق المزيد من العراقيل والصعوبات أمامه، مع المزيد من الأعباء والكلف المالية، التي تنعكس سلباً على الإنتاج والعملية الإنتاجية، وعلى أسعار المنتجات والسلع، وعلى القدرة الشرائية للمستهلك المحلي، وعلى أسواق التصدير وعائداتها، وعلى مجمل الاقتصاد الوطني بالمحصلة!
فما يشغل بال الرسميين واهتماماتهم يقتصر على ملء جيوب بعض كبار حيتان النهب والفساد في البلد، وما يشغل بال الحكومة بتوجهاتها وآليات عملها يقتصر على فرض المزيد من الرسوم والضرائب كآلية جباية سهلة متاحة بين أيديها، مع المزيد من إجراءات تخفيض الإنفاق العام والسير نحو إنهاء الدعم كلياً، وطبعاً كل ذلك على حساب القطاعات الإنتاجية بشكل خاص، كما على حساب لقمة عيش المواطن والمصلحة الوطنية!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1176