محصول استراتيجي آخر في مهب الريح!

محصول استراتيجي آخر في مهب الريح!

محصول التبغ من المحاصيل الاستراتيجية الهامة، ليس فقط للاقتصاد السوري بل للفلاح أيضاً، إذ تعتمد عليه أكثر من 90 ألف أسرة سورية، رغم دورة العمل المضنية والطويلة، التي تمتد عاماً كاملاً من التكاليف والجهد، قبل الوصول إلى بيع المحصول!

مقابل هذه المعاناة تظهر السياسات الحكومية الجائرة في تسعير التبوغ، وهو الملموس مجدداً بشكل فاقع وفج بالقرار الصادر مؤخراً عن مجلس الوزراء، والذي نشر على الصفحة الرسمية للحكومة يوم الأربعاء 24 كانون الثاني، المتضمن أسعار محصول التبغ لموسم عام 2024-2025!

نص الموافقة الحكومية على تسعير محصول التبغ!

وافق رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة الأسعار المقترحة من وزارة الصناعة– المؤسسة العامة للتبغ لشراء محصول التبغ من الفلاحين لصالح المؤسسة العامة للتبغ لموسم عام 2024-2025 وذلك وفقاً للآتي:

تنباك 24000 ل.س/كغ– برلي 23000 ل.س/كغ– فرجينيا 24000 ل.س/كغ– بصما 32000 ل.س/كغ– بريليب 28000 ل.س/كغ– شك البنت 27000 ل.س/كغ– كاتريني 28000 ل.س/كغ.

مقارنة بين أسعار الموسم الماضي والموسم القادم

الجدول التالي يبين مقارنة بين الأسعار الرسمية لموسم 2023 مع الأسعار المقرة لموسم 2024 القادم

1159b

رغم أن نسبة الزيادة في تسعيرة هذا الموسم مقارنة بتسعيرة الموسم الماضي تراوحت بين 157-182%، إلا أنها غير منطقية ولا تمت لواقع التكاليف المرتفعة بصلة، وهي أقل من السعر الحقيقي في السوق بنحو 10 أضعاف بحسب بعض المزارعين!
حيث تجاوزت أسعار التبغ في الأسواق المحلية الـ100 ألف ليرة/كغ للنوع المتوسط، بينما تجاوزت بعض أصنافه سعر 300 ألف ليرة/كغ، مما يدفعنا للتساؤل:

هل حسبت المؤسسة ووزارة الصناعة واللجنة الاقتصادية تكاليف الشتول والأسمدة والأدوية والخيوط والنايلون؟
وهل راعت تكاليف الحراثة والزراعة وأجور النقل وضمان الأرض، وحتى أجور الحراسة؟
وهل الحكومة على دراية بانعكاسات هذا القرار على العملية الزراعية والإنتاجية لهذا المحصول الهام؟

أم أنّ القرارات الحكومية تتقصد دفع الفلاح للعزوف عن زراعة مثل هذه المحاصيل الاستراتيجية، والتوجه لزراعة المحاصيل التكثيفية ذات الكلفة الأقل والريع الأكبر؟!
فأغلى أنواع التبغ «البصما»، بحسب الموافقة الحكومية أعلاه، يعادل سعر الكيلو غرام منه سعرَ سندويشة شاورما، أو ليتر زيت نباتي، وهذا يمثل قمة الظلم والإجحاف بالنسبة للمزارعين!
فالأسعار التي تقرها الحكومة لمحصول التبغ، ورغم الزيادات المتتالية عليها بين موسم وآخر، تعتبر مجحفة وغير مجزية للفلاحين، وهي لا تغطي حتّى جزءاً قليلاً من تكاليف الإنتاج المرتفعة، والتي تزيد بنسب كبيرة من موسم لآخر تفوق نسب الزيادة الحكومية على السعر!

المضي نحو استكمال إعدام المحصول!

أمام هذا النمط الجائر من التسعير الرسمي للمحصول موسماً بعد آخر فإن الفلاحين وللتخفيف من خسارتهم سيضطرون لتهريب جزء من محصولهم لتجار وحيتان السوق السوداء المستغلين ليجنوا من خلاله الأرباح الكبيرة لمصلحتهم، أو إلى ترك وهجرة هذا النوع من الزراعات واستبدالها بزراعات أخرى أكثر جدوى بالنسبة إليهم، وهو ما يجري تباعاً، وهذا وذاك يعني مع استمرار السياسات الحكومية بهذا النمط الجائر من التسعير أننا سنشهد خلال السنوات القريبة القادمة إعدام محصول استراتيجي آخر، بعد الإجهاز على محصول الشوندر وتقويض محصول القطن، وما يجري على مستوى تراجع محصول القمح، وللأسباب نفسها الناجمة عن جملة السياسات الحكومية، وخاصةً تخفيضَ الدعم وإنهاءه، والتسعير المجحف، وارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج!

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
1159
آخر تعديل على الأربعاء, 14 شباط/فبراير 2024 14:05