ضربة جديدة موجعة لصناعة السيراميك المحلي لمصلحة المستوردين!

ضربة جديدة موجعة لصناعة السيراميك المحلي لمصلحة المستوردين!

وافق رئيس الحكومة بكتابه رقم 15669/1 تاريخ 9/11/2023 على توصية اللجنة الاقتصادية بجلستها رقم 57 تاريخ 6/11/2023 المتضمنة تأييد مقترح غرفة تجارة ريف دمشق بالسماح باستيراد مادة السيراميك، على أن تقوم وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بالمتابعة!

الموافقة أعلاه، وبغض النظر عن مبرراتها وذرائعها، هي ترجمة عملية جديدة لمحاباة الحكومة لشريحة أصحاب الأرباح من المستوردين المحظيين على حساب الإنتاج المحلي والمنتجين، وهي تشكل ضربة موجعة موجهة لصناعة السيراميك المحلي، لتضاف إلى كل الصعوبات التي تعاني منها هذه الصناعة المحلية، وخاصة على مستوى تكاليفها المرتفعة المرتبطة بمستلزمات إنتاجها، وتحديداً حوامل الطاقة التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير، سواء كان ذلك على مستوى الطاقة الكهربائية أو على مستوى الفيول والغاز الصناعي!

تفاصيل إضافية!

ورد في حيثيات الموافقة الحكومية أنها أتت عطفاً على معروض مقدم من مستوردي مادة السيراميك- كتاب غرفة تجارة ريف دمشق- كتاب وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، بطلب السماح باستيراد مادة السيراميك وإعادة النظر بالسعر الاسترشادي لها!
ومن جملة ما ورد من مبررات أن الطلب جاء نتيجة الارتفاع الكبير جداً في سعر السيراميك الوطني وانخفاض الجودة!
كما تضمنت توصية اللجنة الاقتصادية التي تمت الموافقة عليها ما يلي، التنسيق مع وزارة المالية لدعوة اللجنة المعنية بتحديد الأسعار الاسترشادية لتحديد السعر الاسترشادي لمادة السيراميك- التنسيق مع مصرف سورية المركزي بخصوص تحديد الكميات المسموح باستيرادها من المادة وآلية تمويلها- التنسيق مع وزارة الصناعة لإصدار القرار اللازم بفرض ضميمة بمبلغ /10000/ ليرة/م2 على المقاسات المنتجة والمتوفرة محلياً من السيراميك بهدف حماية المنتج المحلي وعدم فرضها على المقاسات التي لا يوجد منها إنتاج محلي- تكليف وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بمراقبة الأسعار بالأسواق ومنعكسات تطبيق القرار الذي سيصدر- التأكيد على غرف التجارة في المحافظات للتقيد بأصول المخاطبة بحيث يتم رفع المراسلات عن طريق اتحاد غرف التجارة السورية.

الترجمة الكارثية لتفاصيل الموافقة!

تجدر الإشارة في البداية إلى أن عبارة العتب بما يخص «التقيد بأصول المخاطبة» أتت لذر الرماد في العيون، فالموافقة تمت على الرغم من عدم التقيد بهذه الأصول!
فما ورد من حيثيات أعلاه يوضح بما لا لبس فيه أن الحكومة ولجنتها الاقتصادية غير معنيين بالصناعة المحلية بقدر عنايتها واهتمامها بمصالح المستوردين الذين تقدموا بالطلب!
أما الحديث عن سعر المنتج المحلي وجودته، وبغض النظر عن دقته وصوابيته، فهو ليس إلا ذريعة لتمرير الموافقة أعلاه، وليس من أجل مصلحة المستهلك من كل بد!
فالموافقة تحابي مصلحة المستوردين وغرفة تجارة ريف دمشق بذريعة سعر المنتج المحلي وجودته، وبحيث يتم فتح الباب على مصراعيه كي يستشرس التنافس مع المنتج المحلي، مقابل غزو المستورد غير مضمون الجودة طبعاً، لكنه قد يكون (بالرغم من فرض الضميمة على المقاسات المستوردة والمنتج منها محلياً) أدنى سعراً من المنتج المحلي بسبب ارتفاع تكاليفه، أما بالنسبة لبقية المقاسات المستوردة غير المنتج منها محلياً فستكون أرخص نسبياً باعتبارها معفية من الضميمة!
على ذلك فإنه من المتوقع خلال الفترة القريبة القادمة أن يتم إغراق السوق المحلي بمادة السيراميك المستورد بمختلف المقاسات المواصفات والمصادر، بالإضافة إلى ما يتم إدخاله تهريباً من هذه المادة، خاصة وان موضوع الكميات التي سيسمح باستيرادها تم ربطها بالتنسيق مع مصرف سورية المركزي من بوابة آلية التمويل وليس من أية بوابة أخرى، ما يعني حصر الاستيراد فعلاً بالبعض المحظي بغض النظر عن الكميات!
والنتيجة المفروغ منها أن الصناعة المحلية لهذه المادة ستصاب بالمزيد من الصعوبات وصولاً إلى التوقف المؤقت لبعض أو كل منشآتها عن العمل، أو الخروج من الإنتاج بشكل نهائي، وهو ما يتم السعي إليه من قبل شريحة المستوردين، وذلك كي يخلو السوق المحلي لهم من المنافسة لاحقاً، وكي تُستكمل سيطرتهم على السوق كلياً، وبالتالي التحكم بالسعر والجودة والمواصفة على حساب المستهلكين!

المزيد من النتائج الكارثية!

من المفروغ منه أن صناعة السيراميك المحلي بحاجة للمزيد من الاهتمام من أجل تحسين جودته ومواصفاته وتخفيض أسعاره، لكن المدخل إلى ذلك لا يمر عبر بوابة المنافسة مع المستورد من كل بد، بل من خلال بوابة تخفيض تكاليف مستلزمات إنتاجه، وخاصة تكاليف حوامل الطاقة باعتبارها تشكل نسبة كبيرة من التكاليف، والتقليل من صعوبات العملية الإنتاجية والتسويقية بالتوازي مع آليات الرقابة الجدية والإيجابية التي تصب بهذا المنحى وليس بالضد منه كما جرى ويجري حتى الآن!
فضرب وتقويض الإنتاج المحلي لمادة السيراميك عبر فتح بوابة الاستيراد الآن، بعد كل أوجه المعاناة التي تعاني منها هذه الصناعة، يعني فيما يعنيه ما يلي:
تراجع هذه الصناعة وصولاً إلى توقف منشآتها جزءاً أو كلاً!
خسارة أصحاب هذه المنشآت، والدفع ببعضهم لإعادة تأسيس أعمالهم خارج البلاد، كحال غيرهم من المنتجين والصناعيين الذين سبقوهم إلى ذلك مضطرين!
الدفع بآلاف العاملين بهذه المنشآت إلى البطالة، أي مزيد من الفقر والعوز والجوع لآلاف الأسر!
تضرر شبكات وسلاسل التوريد والتسويق لهذه الصناعة، أي المزيد من البطالة، والمزيد من الأُسر المعوزة!
تضرر السوق المحلي جرّاء هذا التراجع على مستوى تأمين احتياجاته!
خسارة القيمة المضافة بهذه الصناعة، وكذلك خسارة أسواق تصديرها باعتبارها من الصناعات التصديرية!
خسارة عائدات التصدير من القطع الخاصة بهذه الصناعة!
خسارة إضافية للقطع جرّاء عمليات الاستيراد، التي ستتزايد مع تكريس تراجع الإنتاج المحلي وتوقف منشآته تباعاً!
مزيد من التضخم والإضرار بالاقتصاد الوطني ككل!
وكل هذه النتائج الكارثية وغيرها الكثير معروفة ومدركة بكل تأكيد من قبل الحكومة واللجنة الاقتصادية، لكن ذلك لا يعنيها بشيء على ما يبدو!
فالسياسات التدميرية للإنتاج المحلي (الصناعي أو الزراعي- العام أو الخاص) تمضي بكل سلاسة الاستهتار واللامبالاة، ضاربة عرض الحائط بكل الكوارث الناجمة عنها، بما يضمن مصالح القلة من كبار أصحاب الأرباح المحظيين فقط لا غير، على حساب المنتجين والمستهلكين والاقتصاد الوطني والمصلحة الوطنية!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1149