الأسعار ترتفع عندما يرتفع الدولار.. وعندما لا يرتفع أيضاً!

الأسعار ترتفع عندما يرتفع الدولار.. وعندما لا يرتفع أيضاً!

يمكن أن يُعزى ارتفاع بعض الأسعار في الأسواق إلى ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية خلال الفترات الماضية، وبالتالي ارتفاع كافة التكاليف، سواء على علميات الاستيراد أو النقل والأجور وغيرها، ويؤخذ بعين الاعتبار أيضاً هوامش الاستغلال الإضافية بذريعة تذبذب سعر الصرف، وغيرها من الذرائع الأخرى، مثل: العقوبات والحصار!

ولكن لماذا لا يتوقف هذا الارتفاع عندما يستقر سعر الصرف؟
أليس من المنطق أن تستقر الأسعار مع استقرار سعر الصرف، سواء للمستورد، أو للمنتج المحلي على الأقل؟!
ففي جولات صغيرة ومتكررة على بعض الأسواق والمحال خلال الفترة الماضية، كان من الملاحظ أن مسلسل رفع الأسعار المتكرر مستمر ودون توقف، في مفارقة لا يمكن معرفة أسبابها!
فسعر الصرف الرسمي مستقر، وكذلك سعر الصرف في السوق الموازي نوعاً ما، والأهم أن الأسعار العالمية لم يطرأ عليها تغيير يذكر!
فلا يبدو أن المنطق التجاري العام، الذي يستطيع تفسير حركة أي سوق في العالم بارتفاع وانخفاض أسعاره، يستطيع تفسير واقع السوق السورية وتقلباتها المستمرة على مستوى الأسعار التي لا تقف عند حدود!
فبعيداً عن تفسير أسباب ارتفاع سعر الدولار أمام الليرة السورية على مدى سنوات الأزمة السورية، واشتداد هذا الارتفاع في السنوات الأخيرة، وصولاً إلى سعر 11500 ليرة مقابل الدولار الأمريكي الآن، وبعيداً عن مدى مصداقية وحقيقة هذا السعر، ولكنه يعكس نوعا ما كيف أن كافة المواد والسلع في السوق قد زاد سعرها عدة أضعاف على أقل تقدير!
لكن منذ شهر آب استقر سعر الصرف عند عتبة 11500 ليرة تقريباً، ويتذبذب صعوداً وهبوطاً ببضع مئات من الليرات فقط، ولكن كافة الأسعار في السوق ما زالت تتجه صعوداً في منحى ثابت ودون توقف، حتى بدا أنه أمر طبيعي أن السلعة التي تشتريها اليوم ستشتريها بسعر أعلى غداً بلا شك!
فإما أن سعر الصرف المستقر في نشرة المصرف المركزي عند عتبة 11500 ليرة، وفي السوق الموازي عند عتبة 13000 تقريباً، هو سعر وهمي لا تُحسب أسعار السلع على أساسه، وبالتالي، فلا يهم إن استقر أو انخفض أو ارتفع سعر الصرف!
أو أن هنالك اتفاقاً ضمنياً بين محتكري الاستيراد والتجار الكبار، المتحكمين عملياً في السوق، على سعر صرف أعلى بكثير يتم حساب أسعار السلع على أساسه، بل وأعلى من السعر التحوطي الذي يتم اللجوء إليه مقابل تذبذب سعر الصرف وبذريعته، وهو يتجه صعوداً وباستمرار بهدف تحقيق المزيد من الربح والنهب، استغلالاً وتحكماً ونفوذاً، على حساب ومن جيوب المواطنين!
فنشرات الأسعار الرسمية الصادرة من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ومديرياتها في المحافظات، أو غيرها من الجهات الرسمية الأخرى المخولة بالتسعير لبعض السلع والمواد، ما هي إلا نشرات غايتها شرعنة الارتفاعات المستمرة على الأسعار في الأسواق، والتي لا تنقصها الذرائع لتبريرها!
فإن كان مؤشر الأسعار المعتمد، وهو سعر الصرف، مستقراً فلماذا تستمر الأسعار بالارتفاع؟
وإن كان سعر الصرف في المصرف المركزي لا يعكس حقيقة سعر الصرف في السوق وفقاً لأسعار السلع، فما هو دور نشرة المصرف المركزي لسعر الصرف؟
وما هو دور النشرات السعرية الرسمية، وما هو دور حماية المستهلك أمام فوضى التسعير في السوق؟
أسئلة تطرح مع الكثير غيرها، لكن مقابل كل ذلك فقد بات من الواضح بالنسبة للمواطنين أن الأسعار في السوق تحدد وفق أهواء ومصالح كبار أصحاب الأرباح المتحكمين فيه لدرجة السيطرة الكلية عليه، دون رقيب وحسيب!
على ذلك، فلا مفارقة ولا غرابة بالأمر، فكبار أصحاب الأرباح تجاوزوا مرحلة التحكم بالسوق، وصولاً للسيطرة الكلية على الاقتصاد الوطني، وذلك طبعاً برعاية حكومية منقطعة النظير، واستقواءً بجملة السياسات الليبرالية المسخرة لخدمة مصالحهم فقط لا غير!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1146