حلب.. «اسق العطاش»..
في عام 1765م/1190هـ انحبس غيث السماء عن حلب، فعمد الشيخ محمد المنجبي الحلبي إلى نظم موشح (اسق العطاش) دون أن يعلم أنه بعد أربعة قرون سيستذكر أهل المدينة هذه المحنة في عصر الحديث.
حيث قامت جماعات مسلحة متشددة بالسيطرة على محطة ضخ سليمان الحلبي وقاموا بقطع المياه عن المدينة بهدف الضغط على الحكومة وافتعال حراك شعبي ضاغط، الأمر الذي أدى إلى حرمان المدينة من المياه لمدة 12 يوماً، أجبر خلالها المواطنين من كافة الأعمار على الاصطفاف على أبواب المساجد التي حوت على آبار لتعبئة ما تيسر لهم من أوعية وأواني لتأمين الحد الأدنى من متطلبات المياه لحياة الفرد اليومية، ومنهم من لجأ لمياه (نهر قويق) الآسنة لتأمين حاجاته بعد أن ضاقت بهم طوابير المساجد. في البداية تم التعامل من السكان مع الموضع كأزمة عابرة وتنتهي، في الوقت الذي قابله تجاهل حكومي كامل وتعتيم إعلامي، حيث أدارت الحكومية المحلية ظهرها للمشكلة التي تفاقمت فيما بعد وتحديداً في يومها السادس وتحولت لقضية أثارت سخط الشارع الحلبي وحنقه بسبب عدم اكتراث المسؤولين بحاجاتهم، إضافة للأخبار عن حالات التسمم بسبب المياه غير المعقمة التي وصلت إلى 340 حالة حسب ما نشرته صفحات التواصل الاجتماعي. ليصل الأمر إلى مطالبة شعبية واسعة بتنحية المحافظ وعزله، بسبب عدم قدرته ومسؤولي حلب على القيام بتلافي تداعيات الأزمة منذ يومها الأول هو حنق تراكمي فجرته أزمة المياه، إضافة لتجنيد صهاريج المدينة لتزويد المسؤولين بالمياه ضاربين بعرض الحائط أولوية حاجات المواطنين. سوق الأزمة لا يكسد، وكانت أزمة المياه مناسبة كغيرها من الأزمات ليتم استغلالها من قبل التجار حيث تم إرسال مياه شرب معبأة للمدينة من محافظات أخرى على أن توزع مجاناً للسكان حسب الرواية المتداولة بين الأهالي، إلا أنه تم بيعها للمواطنين بأسعار مرتفعة فوصل سعر طرد مؤلف من 6 عبوات سعة لتر ونصف إلى 565 ل.س.
وتفيد المعلومات المتداولة أن العجز الحكومي دفع بمبادرات أهلية للتفاوض مع المسلحين لوضع حل لهذه لمعاناة التي أرهقت كاهل المواطنين، ليتم إعادة تشغيل المحطة وتحييد المدينة عن أي محاولة ابتزاز رخيصة من هذا النوع من الجماعات المسلحة، وسط صراع دفع أهل المدينة فاتورته المكلفة.