أتمتة مادة الجغرفيا.. محاولة للتطوير بعيداً عن التخطيط!
تحاول وزارة التربية كالمعتاد، أن تظهر بمظهر المُطور والمبدع، وهذا العام مليء بتلك الإبداعات، وآخرها، قرار أتمتة امتحان مادة الجغرافيا للشهادة الثانوية في الفرع الأدبي!
أول خطأ قد ارتكب هو في تعميم مدة الامتحان، حيث ثبت في البرنامج المعمم، أن مدة الامتحان ساعتان ونصف حسب ما هو معتاد، مما جعل الطلاب يظنون بأن الامتحان المؤتمت كما هو مثبت في البرنامج المعمم، ما فاجأ كثيراً من الطلاب حسب ما أفاد به بعضهم، وخاصة الأحرار منهم، حيث تبين أن مدة الامتحان ساعة ونصف فقط!
إن اتخاذ مثل هذه الخطوة «الامتحان المؤتمت» ربما تكون ضرورية بما يخدم الطلاب والواقع الامتحاني والسعي لتطويره، ولكن التجربة العلمية بهذه الآلية أثبتت أن الوزارة لا تعتمد إلا الطرح النظري بعيداً عن التخطيط والواقع، وأخذ الوسائل والآلية بعين الاعتبار!
ففي ظل الواقع المتردي للعملية الامتحانية عموماً، فقد واجهت هذه التجربة كثيراً من المشكلات التي لم تحسب لها الوزارة أي حساب، ومنها: نقص المراقبين وهي أهمها، وقلة خبرة الطلاب- وكثير من المراقبين- بطريقة الإجابة المؤتمتة، وهو ما أوقع الكثير من الطلاب بالأخطاء، وبالتالي احتمالية فقدان الكثير من درجاتهم!
فلم تتخذ الوزارة ومنصاتها أي خطوة مسبقة بتدريب الطلاب على مثل هذا النموذج، ولو عبر منصاتها، فقد تم الاكتفاء بالتوجيهات لرؤساء المراكز الامتحانية، الذين بدورهم سيتحملون عبئاً إضافياً في مدة الامتحان التي لا تتجاوز ساعة ونصف!
وبحسب إفادات الكثير من الطلاب، فقد كان الوقت غير كافٍ بالنسبة لهم، فساعة ونصف للإجابة عن 60 خياراً في الورقة، وخاصة أنهم يتقدمون للمرة الأولى لامتحان أتمتة لهذه المادة تعتبر مدة محدودة!
أما بما يخص الوقت المهدور فحدث بلا حرج، ففي بعض المراكز الامتحانية خسر الطلاب أكثر من 20 دقيقة بسبب آلية توزيع الأوراق الامتحانية للنموذج المؤتمت!
فكيف لرئيس المركز أن يوزع أوراق الإجابة، ثم أوراق الأسئلة على القاعات والطلاب فيها، والتي تتألف من 4 صفحات متفرقات، وكل صفحة يتم توزيعها على حدة على الطلاب، فيقوم الطالب بنفسه بترتيبها من 1 إلى 4، مع قلة المراقبين في القاعات، حيث كثير من القاعات لم يتواجد فيها إلا مراقبان وربما مراقب واحد، وبذلك تم هدر الكثير من الوقت بسبب آلية توزيع الأوراق وإلقاء التوجيهات فقط لا غير، وهو وقت محسوب على الطالب ومن وقته الامتحاني، الذي لا يمكن تعويضه بحسب التعليمات الامتحانية!
وعلى هذا النحو من الاستهتار الرسمي بمستقبل الطلاب وإلقاء المسؤولية على رؤساء المراكز والمراقبين والطلاب، تحصد وزارة التربية الكثير من الثناء والشكر على هذه الخطوة التطويرية، فيما يحصد الطلاب مزيداً من التفشيل!
فمثل هذه الخطوة الجديدة كان من الممكن أن تؤتي ثمارها المفترضة لو وجدت الظروف والآلية والتخطيط المناسب لها، وبشكل مسبق مع الوقت الكافي من أجل تنفيذها بما يحقق الغاية منها، بعيداً عن الغايات التجميلية الإعلامية للواقع التعليمي، والذي تظهر وكأنها هي غاية بحد ذاته!
بكل اختصار، يمكن القول: إنه لا يمكن للتربية والتعليم أن ينهضا من واقعهما المزري دون سياسات تعليمية صحيحة، أما في ظل هذه السياسات التخريبية، لكن الملمعة إعلامياً، فسوف يحصد قطاع التعليم المزيد من التردي والفشل الكامل، وطبعاً على حساب جهود الطلاب ومستقبلهم وطموحاتهم وآمالهم التي تذهب أدراج الرياح!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1126