فوق كل جائع.. ثمة من يتربح من الجوع!
هل نستطيع الحديث حول هوية السياسة الاقتصادية في سورية الحالية؟ هل يمكننا تصورها أو تقديم تعريف لها؟
من الممكن، من الناحية النظرية، تعريف السياسة الاقتصادية بوصفها المنهج الذي يعبر عن آلية تشغيل النظام الاقتصادي السياسي، وهذا المنهج يمكن تعريفه والوصول إلى وصف يعكس طبيعة هذا النظام الاقتصادي أو ذاك. رغم ذلك، تختلط على البعض طبيعة السياسات الاقتصادية السورية، ولا سيما أنها اعتادت أن ترفع شعاراً وتمارس عكسه.
بطريقةٍ أخرى، متى تكون السياسات الاقتصادية وطنية؟ ببساطة عندما تحمي البلاد وتدفعها إلى الأمام. في الظرف السوري الحالي، تكون السياسات الاقتصادية وطنية عندما تكون قادرة على الحد من الانهيار المستمر في البلاد، ووضع خطة لتوحيد السوريين، والعمل على إعادة بناء وحدتهم وكرامتهم.
وفقاً لهذا المعيار، فإنه في ظل كل ما مرت به البلاد، لا تتخذ السياسات الحالية أية خطوات للحدّ من هذا الانهيار، بل تسير خطوات واضحة وحاسمة لتزيد منه! أليس مثال القمح مؤخراً مثالاً فاقعاً؟
أكبر دليل على ذلك، هو السياسة الرسمية في مواجهة الجوع: منذ سنواتٍ عدة، تم تصنيف الوضع الغذائي في سورية كأزمة غذائية على مستوى العالم. الآن، ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة لعام 2023، هنالك ملايين السوريين الذي لا يعانون من الجوع، فحسب، بل من الجوع الفاقع والمستمر. فماذا فعلت السياسات الاقتصادية للتعامل مع هذه الأزمة؟
هل اتخذت أية إجراءات لخفض أسعار الغذاء؟ لا... الغذاء ما زال مرتبطاً بالاستيراد والدولار. وبدلاً من ذلك، تم تقليل كمية الغذاء المدعوم، واعتماد خطة تقشف لتوزيع كميات أقل من الغذاء على الأسر.
هذا كله لأن الغذاء المستورد أصبح مادة للربح الكبير، وأسعاره تتجاوز الأسعار العالمية بنسب كبيرة. وهذه الزيادات لا تنبع من تكاليف العقوبات، كما يحاول بعض الرسميين أن يبرروا، إذ يكفي أن نلقي نظرة على أسعار الأغذية في الدول المعاقبة مثلنا لنكتشف حجم النهب الذي نتعرض له بسبب الفساد الكبير. كما أنها لا تنبع من ارتفاع سعر الدولار، حيث بات الجميع يدرك أن الأسعار المحلية تتجاوز أسعار الدولار في السوق.
السبب الحقيقي، هو أن أصحاب القرار الفعلي في البلاد منحازون بشكلٍ حاسم ضد مصلحة الناس.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1122