وزارة التربية تضخيم في الشعارات.. واستمرار بالهدم!
عمار سليم عمار سليم

وزارة التربية تضخيم في الشعارات.. واستمرار بالهدم!

وزارة التربية، وكما اعتدنا عليها، توجه كل ما أوتيت من جهود وإمكانات للبروظة والظهور الإعلامي فقط، فالنتيجة منها لا تتعدى إصداراً من مركز تطوير المناهج، أو قراراً هنا وهناك، يأخذ بالنتيجة شكل خبر على صفحات التواصل الاجتماعي دون أية نتيجة أو جدوى إيجابية تذكر منه، إذا لم يترتب عليه أعباء وأضرار سلبية ربما!

فهدم قطاع التعليم مستمر، بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال سياسات الحكومات الليبرالية المتعاقبة، وعبر وزارة التربية!
وآخر ما تم عرضه واستعراضه، ظهوراً وبهرجة وبروظة، هو عنوان مطروح من قبل المركز التربوي لتطوير مناهج التعليم، وكان تحت اسم لامع ألا وهو: «المعلم هو القائد الفعلي للتغيير الجوهري في المجتمع»!
فقد ورد على صفحة المركز بما يخص هذا العنوان ما يلي:
«تتطلب قيادة التغيير على المعلم اتباع نموذج واضح وأسلوب تفكير عقلانيّ منظم يساعده على استشراف آفاق المستقبل، واستشعار نتائج عملية لتطبيق التغيير المقترح في العملية التعليميّة، وبالتالي إدخال تغييرات مخطط لها لضمان نجاحها، لأن مهنة المعلم في المستقبل أصبحت مزيجاً من مهام القائد، ومدير المشروع والناقد والموجه.
أحد محاور ورشة الترقية الوظيفية التي تقيمها وزارة التربية دور المعلم في التحول في التعليم وهو دور واضح وفعال من خلال تعزيز المجالات التي يدعمها التحول في التعليم القائم على نتعلم كيف نتعلم؟ كيف نعيش معاً؟ نتعلم أن نفعل، نتعلم أن نكون».
وقد تكرر عنوان التحول في التعليم مراراً وتكراراً خلال الفترة الأخيرة، وأوردنا في مواد سابقة أن التحول في التعليم غير مقتصر على المناهج فقط، بل بالسياسات المتبعة من قبل الحكومات تجاه التعليم بالكامل!
أما العنوان العريض أعلاه فما هو إلا إتمام لما تعمل به وعليه وزارة التربية من تلميع وترقيع، أمام حجم الفشل في التعليم الذي وصل إليه الحال في سورية!
المعلم يحتاج إلى تغيير واقعه بدايةً!
فقبل أن يقود المعلم عملية التغيير الجوهري في المجتمع، كما خُطط له في مركز تطوير المناهج، بمعزل عن الواقع وفي انفصال عنه، عليه قبل كل شيء أن يخرج من مستنقعه المتمثل بالفقر والعوز، والمرض بكل أشكاله، الجسدي والنفسي والاجتماعي!
فكل ما سبق كفيل بأن يشل حركة المعلمين شللا كاملاً أو جزئياً في عملية التعليم والتربية المنشودة!
فواقعه أصعب من أن يوصف في ظل هذه الظروف التي تكرسها الحكومة ووزارة التربية تجاهه!
فكيف له أن يحصل على «تفكير منظم لاستشراف المستقبل» وهو فاقد لأهم الشروط المادية الضرورية لسلامة التفكير وتنظيمه؟!
وكيف ذلك وهو يقبع في البرد شتاءً والحر صيفاً، ويعمل بأكثر من عمل طوال اليوم، ليحصل بالنتيجة على بعض غذاء لا يعوضه قوة عمله المستهلكة!!
كيف نتعلم!
«نتعلم كيف تتعلم»! هو أحد العناوين في الورش الخلبية والنظرية والمنفصلة عن الواقع!
ولكن الجواب عن مثل هذا السؤال أكثر من بدهي، فالطفل غالباً ما ينبذ التعلم في ظل انعدام الاستقرار الأسري والمجتمعي!
فالفقر المدقع أودى بعقول الأطفال وسلوكهم وحالاتهم النفسية، وصولاً إلى ضعف تحصيلهم الدراسي، وعجزهم عن تحسين أدائهم!
فالاستقرار مرهون بجملة السياسات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية التي من المفترض أن تحققه، ولا يخفى على أي عاقل ما تعانيه الأسرة السورية من كوارث تحول عائقاً أمام الحد الأدنى من الاستقرار، يحصد بعض نتائجها المعلمون في صفوفهم، عاجزين عن تحريك ساكن فيها!
عناوين أساسية وفرعية كثيرة تم عرضها تكثيفاً في الخبر الوارد على صفحة مركز تطوير المناهج، لكن خلاصة القول إن أي تطوير في المناهج ستكون نتيجته صفرية في ظل هذا الواقع التي تكرسه الحكومة وسياساتها، وأي تغيير إيجابي منشود يبدأ من خلال التغيير الجذري والعميق والشامل لجملة هذه السياسات، وعندها فقط سيتاح للمعلم أن يكون القائد الحقيقي لعملية التغير الجوهري والتحول في التعليم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1110