ضمان صحي وتعويض نفوق للماشية.. فماذا عن البشر؟
سمير علي سمير علي

ضمان صحي وتعويض نفوق للماشية.. فماذا عن البشر؟

يبدو أن صندوق التأمين على الماشية قد أقلع وسار بعض الخطوات إلى الأمام، على عكس مشروع قانون الضمان الصحي للمتقاعدين، الذي ما زال بعهدة الحكومة!

ففي حديث لمدير مكتب الثروة الحيوانية- في الاتحاد العام للفلاحين- لإذاعة المدينة إف إم بتاريخ 1/2/2023، بشأن صندوق التأمين على الماشية، قال: «إن قيمة الاشتراك في صندوق التأمين على الماشية 10 آلاف ليرة للرأس الواحد سنوياً، ولمدة 8 سنوات فقط».
وأضاف بأن: «الهدف من الصندوق هو تأمين خدمات صحية وبيطرية للماشية وتعويض المربين في حالات النفوق المفاجئ، نتيجة الجوائح المرضية، أو الكوارث الطبيعية».

التعويضات الممنوحة

قال مدير مكتب الثروة الحيوانية في الاتحاد العام للفلاحين، حول التعويضات التي يمنحها الصندوق: إن «قيمة التعويض تصل إلى 5 ملايين للرأس الواحد، وهناك نوعان من التعويض للمشتركين في الصندوق، الأول: هو التعويض الكامل، بشرط أن يكون الاشتراك في الصندوق مثبتاً، وإخبار الصندوق بحدوث الإصابة خلال 24 ساعة، ويقدم العلاج للحيوانات المصابة عن طريق الطبيب المعتمد، أما النوع الثاني: هو نصف التعويض، ويكون في حال إهمال تنفيذ تعليمات الطبيب المعالج والامتناع عن ذبح الحيوان المصاب، أو علاجه عند تعرضه للمرض».

قرار التأسيس ومآلاته المشجعة للمربين!

بالعودة لقرار تأسيس صندوق التأمين على الماشية، الصادر عن وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي في عام 2018، فقد ورد عبر سانا بتاريخ 13/6/2018 ما يلي: «يتمتع الصندوق بالاستقلال المالي والإداري، ويرتبط بالاتحاد العام للفلاحين، ويهدف الصندوق إلى تأمين الخدمات لمربي الماشية الأعضاء في الاتحاد العام للفلاحين، وذلك من خلال الإشراف الصحي والبيطري على ماشيتهم المسجلة لدى الصندوق، وتقديم التعويض للمشتركين في حالات النفوق المفاجئ، أو الذبح الاضطراري لهذه المواشي، وفق الأسس الواردة في النظام الداخلي للصندوق».
وبحسب نائب رئيس الاتحاد العام للفلاحين في حينه أن: «مدة الاشتراك في الصندوق هي سنة واحدة قابلة للتجديد، وتحدد قيمة الاشتراك بـ 3% من قيمة الحيوان في السنة الأولى، على أن تخفض إلى 2,9% في السنوات التالية، معتبراً أن هذه النسبة مشجعة جداً لمربي الماشية للتأمين على قطعانهم في الصندوق».
من الواضح، أن هناك فارقاً بين ما تم الإعلان عنه عند تأسيس الصندوق ومآلاته، بشأن مدة وقيمة الاشتراك بالصندوق، وبالتالي فإن التأخير في عدم تفعيل الصندوق كان في مصلحة المربين بهذين الشقين، حيث يبدو أن ما آلت إليه الحال بهذا الشأن، يحقق جدوى أفضل للمربين، سواء ناحية المدة التي أصبحت 8 سنوات، أو ناحية المبلغ السنوي الذي تم تحديده بمبلغ 10 آلاف ليرة، وهو ما يمكن اعتباره تشجيعاً حقيقياً للمربين.

للأبقار فقط واقتراح بالإلزام!

بحسب مدير مكتب الثروة الحيوانية، أن «الصندوق يشمل حالياً قطاع الأبقار فقط كون أعدادها أقل من بقية المواشي، وضبطها الإحصائي أكثر دقة، فلكل بقرة رقم خاص وصورة شخصية».
بالمقابل، فقد أكد أن: «هناك مطالبة ليكون الاشتراك في الصندوق إلزامياً، حيث أن عمله مرهون باشتراك 75% من مربي الماشية».
وبحسب المزايا الافتراضية التي يقدمها الصندوق، يبدو أن موضوعة الإلزام من أجل استكمال عملية إقلاعه لتشمل جميع قطعان الماشية، تحقق بعض الإنصاف للمربين، ولو بشكل جزئي ونسبي، خاصة ناحية السقف المتواضع المحدد بمبلغ 5 مليون ليرة فقط للرأس الواحد، وهو ربما ما يتطلب إعادة النظر فيه، بغاية زيادته، وبما يحقق مصلحة المربين.
ولعل تمتع الصندوق بالاستقلال المالي والإداري، وارتباطه بالاتحاد العام للفلاحين، سبب رئيسي في ضمان مصلحة المربين وإنصافهم النسبي، بحسب المزايا والتعويضات التي يقدمها، الأمر الذي يفسح المجال لزيادة هذه المزايا لاحقاً بحسب إمكانات تغطية الصندوق، وهو ما يحقق المزيد من الإنصاف للمربين.

الشيء بالشيء يذكر!

على هامش كل ما ذكر أعلاه بشأن قطعان الماشية وصندوق التأمين عليها، تجدر الإشارة إلى أن مشروع قانون الضمان الصحي الخاص بالمتقاعدين ما زال في ثلاجة الحكومة حتى الآن، برغم أهميته وضرورته!
وربما من الهام الإشارة أيضاً إلى ما آلت إليه حال الضمان الصحي للعاملين في الدولة، بعد كل السنين التي مضت على إلزامهم بهذا الضمان!
فالاقتطاع الشهري من أجور هؤلاء محدد بنسبة 3%، أي ما لا يقل عن 36 ألف ليرة سنوياً، علماً أن الدولة تقدم تغطية مالية إضافية لمصلحة شركات التأمين، مقابل سقف التغطية التأمينية السنوية خارج المشافي المحدد بمبلغ 200 ألف ليرة، وسقف التغطية في المشافي لا يتجاوز 1,5 مليون ليرة، أما عن تعويضات الوفاة التي تمنحها بعض الصناديق، فهي هزيلة مع كل أسف ولا تتجاوز مئات الآلاف في أحسن الأحوال!
وبالتالي، وبحسب مقولة «شر البلية ما يضحك» فإن صندوق التأمين على الماشية وفقاً لما سبق أعلاه يعتبر أفضل بأشواط من الضمان الصحي للعاملين في الدولة، من حيث المزايا والتعويضات والتغطية التأمينية!
ولعل الفارق الهام بين هذا وذاك، هو أن صندوق التأمين على الماشية بعهدة الاتحاد العام للفلاحين، ويضمن مصلحة المربين نسبياً، بينما الضمان الصحي للعاملين في الدولة فبعهدة الحكومة، التي تضمن أرباح شركات التأمين فقط، بغض النظر عن مصلحة العاملين!
فاذا كان هذا ما عليه الحال بشأن العاملين في الدولة وضمانهم الصحي، فلكم أن تتخيلوا كيف ستكون عليه الحال مع مشروع قانون الضمان الصحي للمتقاعدين؟!
فعلاً شر البلية ما يضحك!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1108
آخر تعديل على الإثنين, 06 شباط/فبراير 2023 10:55