السبع بحرات مشروع يؤكد سلطة ونفوذ أصحاب الأرباح
كثر الحديث عن مشروع إعادة تأهيل ساحة السبع بحرات في دمشق، خاصة وأنه يعتبر مشروعاً ترفياً حالياً في ظل تردي الواقع الاقتصادي والمعيشي والخدمي في عموم البلاد!
فالمبررات التي قدمتها محافظة دمشق بشأن هذا المشروع على أنه يقع على عاتق شركة خاصة ناحية التكلفة والإنفاق، ودورها مقتصر بالإشراف على الدراسة الهندسية فقط، ومن المفروض تشجيع مثل هذه المبادرات من قبل الشركات الخاصة، لم تكن موفقة على الإطلاق!
أولويات المحافظة والشأن العام
أن يتم تمويل بعض المشاريع الخدمية في المحافظة من قبل الشركات الخاصة، أو من قبل المجتمع الأهلي، أمر جيد دون أدني شك، ومن المفترض تشجيعه فعلاً، لكن الحديث عن مشروع تأهيل ساحة السبع بحرات يستشف منه وكأن هذه الساحة كانت سيئة، أو مشوهة، أو تعرضت للتخريب، وبالتالي فمن الضروري إعادة تأهيلها!
لكن حال الساحة لم يكن كذلك على الإطلاق، لا ناحية رصفها، ولا ناحية بحراتها، ولا ناحية إضاءتها، ولا ناحية غطائها النباتي التزييني، وهي على ذلك غير مدرجة ضمن مشاريع المحافظة للتأهيل كما هو مفترض، ومن الطبيعي ألّا تصرف عليها أية نفقة، كبيرة أو صغيرة، مهما كان مصدر تمويل هذه النفقة، فهناك الكثير من أولويات الإنفاق الأخرى، ولا يعفي المحافظة القول إن التمويل لهذا المشروع تم من «المجتمع الأهلي» كي يتم غض الطرف عن أولويات المحافظة، وأولويات الشأن العام في الإنفاق!
أولويات أصحاب الأرباح
التمويل لمشروع تأهيل ساحة السبع بحرات من قبل شركة خاصة باسم «المجتمع الأهلي»، ودور المحافظة المقتصر بالإشراف على هذا المشروع ناحية الدراسة الهندسية فقط، يعني أن هذه الشركة هي صاحبة هذه الدراسة (فنياً وهندسياً وتصميماً)، بالإضافة إلى كونها الممولة للمشروع، والمنفذة له.
وعند الحديث عن أي تمويل خاص لأي مشروع كان لا بد أن تكون هناك منافع مادية وربحية منه لمصلحة أصحاب هذا التمويل، وخاصة في واقعنا المشوه، الذي يطغى عليه الاستثمار النفعي، سريع وكبير الأرباح!
فما هي مصلحة هذه الشركة الخاصة في تمويل مثل هكذا مشروع، وبهذا الموقع؟
فالموقع تطل عليه بعض الأنشطة والفعاليات التجارية والخدمية التي قد يكون لها مصلحة في تحسين إطلالتها، وبالتالي ربما ذلك يحقق لها المزيد من فرص جني الأرباح، ولا ندري إن كان التصميم المعتمد للساحة سيمثل إضافة ترويجية وتسويقية لهذه الفعاليات!
تكريس الفرز الطبقي
بمطلق الأحوال فإن الرضوخ لمشيئة الممولين في مواضع الإنفاق العام، وفقاً لمثال ساحة السبع بحرات، يعني فيما يعنيه أن سلطة ونفوذ هؤلاء تعلو على سلطة وقرار المحافظة وأولوياتها!
ومع تعميم ذلك من باب «التشجيع» بحسب ذرائع المحافظة، على حساب الأولويات، فإن ذلك يعني المزيد من تكريس الفرز الطبقي في العاصمة على مستوى الخدمات وأولويات الإنفاق!
فكم تعاني العاصمة بشوارعها وأرصفتها وساحاتها وحاراتها من نواقص، وخاصة في أحياء الفقر والعشوائيات، وكم تعاني مدراسها من تردٍّ وترهل في بنيتها التحتية ولوازمها، وكم هناك من نواقص في مستلزمات المشافي العامة، وكم وكم مما يعتبر من أولويات الإنفاق الضرورية افتراضاً، قبل الشروع بالكماليات والمشاريع الترفية؟!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1103