الفائض البضاعي رسمياً يعني مزيداً من النهب

الفائض البضاعي رسمياً يعني مزيداً من النهب

ناقشت اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء خلال اجتماعها بتاريخ 5/12/2022 مذكرة خاصة بالإجراءات المقترح اتخاذها لفتح أسواق تصديرية للفائض من البضائع والسلع والمواد المنتجة محلياً إلى أسواق الدول الصديقة والمقترحات لتلافي الصعوبات بهذا الشأن.

هكذا بدأت رئاسة مجلس الوزراء موافقتها على السماح بتصدير «الفائض» من البضائع والسلع الغذائية، الزراعية منها والصناعية، مع حرصها على تذليل الصعوبات والمعيقات أمام السادة المصدرين من أصحاب الأرباح، وتأكيدها على إتمام هذه العملية بأكثر الأشكال كمالاً ومهنيةً.

توضيح وتصويب لبعض المصطلحات

لن نشكك في معرفة الحكومة وطاقمها الاقتصادي بالمصطلحات الاقتصادية التي يتم تداولها من قبلها، لكن يبدو لا بد من إعادة توضيح الواضحات كي نستنتج بعض الخلاصات!
فالفائض السلعي، بالمعنى المجرد، هو زيادة العرض الكلي على الطلب الكلي، وبمعناه المشخص هو اكتفاء الاقتصاد الكلي المعني من هذه السلع، مع وجود فائض بضاعي يمكن تصديره واستفادة الدولة المعنية من مردوده.
أي إن الشرط الأساسي للفائض كمضمون هو أن تكتفي الدولة أو المجتمع المعني من السلع المعينة المنتجة، وما يزيد منها يتم تصديره أو مقايضته مع السلع والبضائع التي لا تنتج محلياً. إضافة إلى ذلك لا بد من توفر عامل الاستقرار النسبي على مستوى الأمن الغذائي، وحالة الرواج والانفتاح والرخاء الاقتصادي، على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
فهل تتوفر تلك الشروط في حالة الفائض البضاعي المحلي الذي تتحدث عنه الحكومة، وتتخذ القرارات بشأنه؟!

على حساب المزيد من الإفقار والعوز

من الواضح أنه لا تتوفر أي من الشروط والمحددات الأساسية لاعتبار الفائض فائضاً محلياً، بالمعنى الحقيقي والاقتصادي والوطني!
فالسوريون بغالبيتهم المفقرة عاجزون عن تأمين احتياجاتهم الغذائية بحدودها الدنيا، فالحد الأدنى للأجور لا يتجاوز 92,000 ليرة في حين أن الحد الأدنى للمعيشة يتجاوز 2,000,000 ليرة خاصاً بالغذاء فقط لعائلة من خمسة أفراد، وبالتالي فإن أي فائض سلعي بناء على ذلك لا يمكن اعتباره فائضاً، بل هو تعبير عن انخفاض شديد في معدلات الاستهلاك، التي تم إجبار السوريين عليه رغماً عنهم!
فعن أي فائض تصديري تتبجح الحكومة بقراراتها؟ وكيف يمكن تسمية ذلك فائضاً، إذا كان أكثر من 90% من السوريين معوزين وجائعين؟!
مع الأخذ بعين الاعتبار أن مبررات الحصول على القطع لقاء عمليات التصدير للفائض من السلع، بإطلاقها وتعميمها، يسقط هو الآخر، فالمستفيد أولاً وآخراً من ذلك هي نفسها شريحة كبار أصحاب الأرباح، على حساب عوز السوريين وجوعهم، كما على حساب الخزينة والاقتصاد الوطني!

بعكس التوجهات الدولية وبالضد من مصالح السوريين

في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، وأزمة الغذاء التي بدأت تضرب كل بقاع العالم، مع أزمات سلاسل التوريد والنقل، وبعيداً عن تحليل أسبابها ومبرراتها، فقد لجأت الكثير من الدول لاتخاذ إجراءات منع تصدير السلع والبضائع، وخاصة الغذائية، أو الحد منها، وذلك لمواجهة تداعيات الأزمة بأخطارها، وخاصة على مستوى ضمان حدود الاكتفاء الذاتي منها.
فارتفاع الطلب على المواد الغذائية في أعلى مستوياته حالياً، وهو ما يسيل لعاب أصحاب الأرباح المحليين من أجله كي يحققوا المزيد من الأرباح!
فعلى العكس من كل الإجراءات المتبعة من قبل حكومات بعض الدول، هو ما تم اتباعه من قبل حكومتنا العتيدة، فالقائمون على الأمر، والمتحكمون به من كبار أصحاب الأرباح، رأوا أن الأزمة العاصفة تعتبر فرصة لا تتكرر، ويجب استثمارها لتحقيق أقصى الأرباح الممكنة، بغض النظر عن مستويات الأمن الغذائي للسوريين، والمصالح الوطنية!
فالموافقة الحكومية على المقترحات أعلاه، في ظل هذه الأزمة، ليس محض صدفة، إنما عن سبق الإصرار والتخطيط والتصميم، علماً أن الفائض الذي يجري الحديث عنه هذه المرة لا يقتصر على الخضار والفواكه فقط، وإنما يشمل مجمل القطاعات الغذائية، الزراعية والصناعية، بل ودون تحديد سقوف لكمياتها!

من فم المفقرين!

لقد تم استنزاف الشعب السوري بشكل شبه كلي، مع مزيد من جرعات القهر والظلم بحقه، على مدار السنوات السابقة من عمر الأزمة وبسببها!
فقد كانت السياسات الحكومية تصب في خانة مصالح كبار أصحاب الأرباح، استغلالاً ونهباً وفساداً، على طول الخط وعلى حساب أصحاب الأجور، والمصلحة الوطنية.
وها هي النخب المالية الناهبة والفاسدة توسع من دائرة نهبها بسعيها إلى سحب ما تبقى من غذاء في البلاد، قبل أن يصل إلى أفواه الجائعين!
فمراكمة المزيد من الأرباح هي الغاية الوحيدة التي تعمل من أجلها هذه النخب الفاسدة، مسخرة السياسات الظالمة لمصلحتها!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1100