المحروقات... وتفاقم المعاناة المستمرة

المحروقات... وتفاقم المعاناة المستمرة

وقد ظهر الشكل الأكثر وضوحاً لتفاقم الأزمة في قطاع النقل والمواصلات، فيما كانت التداعيات السلبية لذلك أكثر عمقاً في قطاعات أخرى.

إن فقدان المادة وارتفاع سعر اللتر إلى هذا الحد يعني تدعيماً للأزمات الموجودة، وتعميقاً لبؤس حياة السوريين أضعافاً مضاعفة، والتي تزايدت مع الإعلان الرسمي عن تخفيض مخصصات المحافظات من المشتقات النفطية، وتخفيض مخصصات الوزارات والجهات العامة منها، بالتوازي مع التحذير من التعامل مع السوق السوداء لتأمين هذه المشتقات بشبهة الشراكة في الجرم!
فماذا يعني شبه انعدام توفر المادة، مع وصول سعر اللتر من مادة المازوت إلى هذا الحد، بالنسبة لحياة ومعيشة وخدمات الشعب المطحون؟
إن شح المادة وارتفاع سعرها إلى هذا الحد يؤدي الى:
تزايد أزمة المواصلات بشكل كبير، وصولاً إلى تبديد المزيد من الوقت والجهد بانتظار وسيلة مواصلات.
فإذا كانت خدمة المواصلات قبل التفاقم الأخير للأزمة غير متوفرة إلا نادراً، فإن الأزمة الحالية أصابتها بالشلل شبه الكلي.
فأصحاب السرافيس والمركبات إما سيكتفون بالمخصصات الرسمية المستلمة ويعملون بها، وذلك يعني قلة عدد سفراتهم وبالتالي سينعكس ذلك على معاشهم.
أو الاضطرار إلى اللجوء إلى السوق السوداء لشراء مادة المازوت، وبالتالي ارتفاع تعرفة الركوب وتجاوزها التعرفة الرسمية، الأمر الذي يؤدي إلى أعباء وتكاليف إضافية على الناس.
أزمة المواصلات طالت النقل بين المحافظات أيضاً، مع ما يعنيه ذلك من معاناة تبدأ بشدة الازدحام في مراكز الانطلاق مع قلة وسائط النقل، ولا تنتهي برفع أسعار بدل الخدمة.
ارتفاع أسعار السلع والمواد في الأسواق ارتباطاً مع ارتفاع تكاليف الإنتاج وارتفاع تكاليف النقل، وسيدفع المستهلك الفارق في هذه الارتفاعات طبعاً.
إغلاق الكثير من الورش والمصانع الصغيرة، بما لذلك من انعكاسات مخيفة على حياة ومعيشة العاملين فيها.
فهكذا إغلاقات تؤدي إلى زيادة نسب البطالة، وإلى وقف عمل شبكات التوريد والتسويق، مع انعكاسات ذلك على عيشة العاملين فيها وأسرهم.
وهذا سيؤدي إلى مزيد من تعمق الظواهر الاجتماعية السلبية، السرقة والسلب والمخدرات و..
في ظل تزامن الأزمة مع فصل الشتاء فإن شح المادة مع تخفيض مخصصات المحافظات من المشتقات النفطية يقطع الشك باليقين بمسألة الحصول على مخصصات التدفئة بالسعر المدعوم.
وبالتالي فإن خيار التدفئة في ظل أسعار السوق السوداء سيكون أمراً صعب المنال للغالبية المفقرة من الشعب.
المفارقة العجيبة أنه بعد الإعلان الرسمي عن تخفيض المخصصات، والتحذير من التعامل مع السوق السوداء، فإن المادة ما زالت متوفرة في السوق السوداء، وبالكميات الكافية منها لمن يطلبها من المضطرين، مع فارق جوهري يتمثل بمزيد من الاستغلال السعري!
فهذه السوق استفادت بشكل كبير من تفاقم الأزمة من خلال فرض أسعارها الملتهبة، والتي تصب بالنتيجة على شكل أرباح كبيرة في جيوب القائمين على هذه السوق والمنتفعين منها.
مما يطرح أسئلة عفوية كثيرة ومتعددة، خاصة وأنه من المفترض أن المادة محتكرة من قبل الجهات الرسمية توريداً وتوزيعاً وبيعاً!
فكيف يتم توفير المادة في السوق السوداء، وبالكميات الكبيرة التي تغطي حجم الطلب عليها من المضطرين بمختلف القطاعات؟
فهل يوجد مصادر توريد للمشتقات النفطية خاصة بالسوق السوداء، غير المصادر التابعة بالدولة؟
وهل تكفي عبارة «المشتقات المسروقة» لتبرير الكميات الكبيرة في السوق السوداء منها، برغم أدوات الذكاء وآليات الرقابة الرسمية عليها؟
هذه الأسئلة وغيرها الكثير ليست جديدة، وكذلك انعدام الإجابات الرسمية عليها، وانعدام الحلول الجدية للأزمات التي يعاني منها ويدفع ضريبتها المفقرون فقط!
فالمواطن المفقر يزداد بؤساً بحياته ومعاشه وخدماته يوماً بعد آخر، ويتفاقم هذا البؤس مع تعمق الأزمات، المفتعلة غالباً، والتي تستفيد منها شريحة حيتان النهب والاستغلال والفساد في البلاد، فيما تكتفي الحكومة برمي أحمالها على هذا المواطن، تهرباً من مسؤولياتها وواجباتها، مع تحميله نتائج كل موبقات سياساتها أيضاً!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1099