في بعض الكليات.. المحاضرات العملية بلا عملي!

في بعض الكليات.. المحاضرات العملية بلا عملي!

هل تعلم عزيزي القارئ أن بعض الكليات العلمية أصبحت فيها محاضرات العملي لبعض المقررات عبارة عن شكل نظري محدود فقط؟!

وهل تعلم أن ذلك ليس بسبب النقص في أعداد الهيئة التدريسية، بل بسبب تخفيض الإنفاق وقلة المستلزمات والتجهيزات؟!
فعلى سبيل المثال فقد كان عدم توفر المازوت في كلية الزراعة سبباً في عدم تشغيل المولدة لسد النقص الكهربائي بسبب الانقطاعات الطويلة فيها، وقد أدى ذلك إلى توقف بعض محاضرات العملي في مخابر الكلية، برغم اعتبار مخابر كلية الزراعة من المخابر الحديثة نسبياً بمستلزماتها وأدواتها وتجهيزاتها بالمقارنة مع غيرها من المخابر في الكليات العلمية الأخرى!
وعدم توفر المازوت في الكلية لم يكن مستجداً بعد إجراءات الحكومة الأخيرة القاضية بتخفيض مخصصات المشتقات النفطية، بل هو مشكلة مستمرة ومزمنة في الكلية بسبب قلة مخصصاتها مما قبل التخفيض والتوجه الحكومي الأخير، ومن الصعوبة تأمين احتياجاتها من خلال السوق السوداء وبأسعارها طبعاً، فكيف الحال مع إجراءات التقشف والتقنين الحالية؟!
ما ينطبق على كلية الزراعة قد لا ينطبق على الكليات العلمية الأخرى بما يخص التوليد الكهربائي، والحاجة للمازوت من أجل ذلك، لكن ذلك لا يعني أن محاضرات العملي في هذه الكليات بحال أفضل!
فالغالب في الكليات العلمية أن مخابرها مترهلة جداً، مثل مخابر كلية العلوم باختصاصاتها المختلفة، مع تسجيل الكثير من النواقص في مستلزماتها وتجهيزاتها!
إن نقص المستلزمات وبعض الأدوات قد يتم تلافيه من قبل الطلاب الذين يؤمّنون بعضها المحدود والبسيط على نفقتهم، برغم ارتفاع تكاليفها، لكن بغياب التجهيزات تصبح هذه المستلزمات بلا جدوى أيضاً!
إن نقص المستلزمات والتجهيزات في مخابر الكليات يعني أن المحاضرات العملية فيها تفقد معناها وجدواها، فلا محاضرات عملية حقيقية يستفيد منها الطلاب ويتزودون من خلالها بالتجربة الملموسة، علماً وخبرةً!
فما مصير المحاضرات العملية بهذه الكليات في ظل استمرار سياسات تخفيض الإنفاق، بالتوازي مع ارتفاع أسعار التجهيزات والمستلزمات الضرورية لعمل المخابر؟
وما مصير الطلاب الذين يخسرون جزءاً هامّاً مما يفترض وجوده في مناهجهم العلمية كمحاضرات عملية، بسبب ترهل المخابر ونقص المستلزمات والتجهيزات؟!
وكيف لطالب الطب أو الصيدلة أو العلوم أن يعوض المحاضرات العملية التي خسرها رغماً عنه ودون إرادته؟!
وهل اختصار المحاضرات العملية على شكل نظري محدود ومكثف كافٍ لتعويض النقص العلمي والعملي بالنسبة للطلاب؟!
إن انعدام المحاضرات العملية لا يجب أن يمر مرور الكرام، فالحديث هنا يطال كليات (الطب البشري- طب الأسنان- الصيدلة- الهندسات بمختلف فروعها- العلوم بمختلف اختصاصاتها) بالإضافة إلى المعاهد المتوسطة التطبيقية والعلمية باختصاصاتها المتنوعة، أي إن الحديث يطال عشرات آلاف الطلاب الجامعيين بالنتيجة!
هذا الواقع المؤسف والمسكوت عنه لا يفسر إلا على أنه هو المطلوب تماماً من قبل الرسميين، مع المزيد من جرعات التراجع والترهل في القطاع التعليمي الجامعي.
فمع استمرار سياسات تخفيض الإنفاق على القطاع التعليمي عموماً، وبسببها، وبالتوازي مع السياسات التعليمية التطفيشية، تراجعت العملية التعليمية في هذا القطاع بشكل كبير، وصولاً إلى مثال توقف المحاضرات العملية في بعض الكليات العلمية الآن!
ويطالعونك بعد ذلك بالكثير من المبررات الذرائعية عن أسباب تراجع تراتبية الجامعات السورية بمقاييس التقييم الجامعي على المستوى الدولي، أو عن عدم الاعتراف بالشهادات الجامعية السورية في بعض الاختصاصات والفروع!
فهل من استهتار ولا مبالاة رسميين، مع المزيد من الإصرار عليها، أكثر من ذلك؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1099