تجاهل رسمي للانفلات السعري في الأسواق!
سوسن عجيب سوسن عجيب

تجاهل رسمي للانفلات السعري في الأسواق!

انفلات الأسعار- وارتفاعها المستمر في الأسواق- للمواد الغذائية وغيرها من السلع، أصبح واقعاً يومياً، بل ولحظياً، يدفع ضريبته المستهلكون بشكل مضاعف، عبر المزيد من التقشف وتخفيض معدلات الاستهلاك إلى الحدود الدنيا، ومن جيوبهم وعلى حساب ضرورات حياتهم الأخرى!

ومع المتغيرات الأخيرة بما يخص أزمة المشتقات النفطية وتفاقمها، ارتفعت الأسعار بشكل كبير في الأسواق، بذريعة ارتفاع تكاليف الإنتاج، وارتفاع أجور النقل، يضاف إلى ذلك عوامل الاستغلال الإضافية، الذرائعية والمزمنة، مثل: متغيرات سعر الصرف والرسوم والحصار والعقوبات، التي تزيد من استعار حال الأسواق، مع الندرة في بعض المواد والسلع أيضاً، ليس بسبب عدم توفرها، بل لتبرير زيادة سعرها الاستغلالي!
مقابل ذلك، لا رقيب ولا حسيب على الأسواق، مع مزيد من التعامي الرسمي عن هذا الانفلات السعري، بل مع تبريرات تُظهر أن المعنيين مهتمون، وبأنه لولا هذا الاهتمام لكان الوضع أسوأ مما هو عليه!

تبرير ذرائعي

هذا ما طالعنا به مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عبر صحيفة الثورة بتاريخ 3/12/2022، قائلاً: «لولا النشرة التموينية لكانت الأسواق فيها حالة فلتان سعري، وكل يبيع كما يريد، ولذلك تقوم الوزارة بإصدار نشرة أسعار كل ١٥ يوماً، وفق تكاليفها الفعلية الحقيقية، لتكون رادعاً لكل الفعاليات التجارية».
مدير الأسعار بحديثه أعلاه، لا يتجاهل حال الانفلات السعري في الأسواق فقط، بل ويبرر هذا الانفلات أيضاً، من خلال تضخيم دور النشرات السعرية التي تصدرها الوزارة ومديرياتها في المحافظات، وتصويرها على أنها تشكل عامل ردع للفعاليات التجارية!
مع العلم أن حال الانفلات السعري لم يعد يقتصر على التباين فيما بين الأسواق، بل أصبح هذا التباين فيما بين المحلات في نفس السوق، وصولاً إلى تغيير السعر لبعض السلع في نفس المحل بين ساعة وأخرى في بعض الأحيان، فكل يبيع على هواه فعلاً، بعكس ما قاله مدير الأسعار أعلاه!

الكبار متحكمون ويفرضون شروطهم

أما عن دور الوزارة في عملية التسعير، فقد أثبت مدير الأسعار أن هذا الدور شكلي وقد بات مقتصراً على اعتماد ما يتم تقديمه كتكاليف من قبل المنتجين والمستوردين، لتصدر الوزارة نشرتها السعرية استناداً إليها، فقد قال أيضاً: «عندما تصدر الوزارة الأسعار تأخذ بعين الاعتبار كل التطورات الاقتصادية العالمية والداخلية، ولذلك لا يوجد أي مبرر لعدم التقيد بالأسعار التي تصدر عن الوزارة سيما وأنها توضع بالتنسيق والتشارك مع كل فعاليات كبار المنتجين والمستوردين، من خلال اجتماع موسع تدرس فيه تطورات الأسعار داخلياً وخارجياً».
فنشرة الأسعار التي تصدرها الوزارة وتتباهى بها لا تصدر إلا بحسب رغبة ومشيئة كبار المنتجين والمستوردين، المتحكمين عملياً بالأسواق، من حيث وفرة المواد ومواصفاتها وسعرها.
فهؤلاء نفسهم بالنتيجة هم من يفرضون شروطهم على عمل السوق، كما يفرضون على الوزارة نشراتها السعرية، ضاربين عرض الحائط بمدى الالتزام بها في الأسواق بالنتيجة، فبائع المفرق، ودون تبرئته طبعاً، هو كبش الفداء دائماً وأبداً وفقاً لآليات الرقابة على الأسواق، وهو وجه القبح الذي يتعامل معه المستهلك.

مزيد من التدهور المعيشي

الواقع السعري المنفلت بذرائعه ومبرراته، وبظل استمرار ثبات الأجور على حالها، ومع إجراءات تخفيض الدعم الرسمية الجارية، ومع استمرار وتزايد عوامل الاستغلال والنهب والفساد، كل ذلك أدى إلى مزيد من التدهور المعيشي لعموم المفقرين في البلاد!
والسؤال المطروح: كيف يمكن أن تكون الحال أسوأ مما هي عليه الآن مع هذا الانفلات السعري المستمر ودون توقف؟!
فالناهبون الكبار تتضخم ثرواتهم لحظياً، على حساب المزيد من إفقار المنهوبين، وبرعاية حكومية منقطعة النظير!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1099