حول الدواء والصيادلة... التصريحات في مكان والواقع في مكان آخر!

حول الدواء والصيادلة... التصريحات في مكان والواقع في مكان آخر!

ما زالت أزمة حليب الأطفال المقطوع ترمي بثقلها على كاهل المواطن المثقل أصلاً بأعباء تأمين قوت يومه!

فرفوف الحليب في جزء من الصيدليات فارغة، وخاصةً في الأرياف، حيث يضطر الأهالي للسير مسافات كبيرة لعلّهم يحظون بعلبة حليب هنا أو هناك، وكالعادة... الحلول المطروحة رخوة ولا تسدّ النقص الحاصل!

صنف جديد «محصّص» أيضاً!

أوضح عضو مجلس نقابة الصيادلة جهاد وضيحي لصحيفة الوطن «وجود صنف جديد من حليب الأطفال إلى جانب الأنواع الأخرى من حليب الأطفال المستورد والتي هي أيضاً متوافرة ولو بكميات قليلة وتوزع على الصيدليات على شكل حصص، معتبراً أن وجود نوع جديد يحل جزءاً من مشكلة نقص كميات الحليب التي تباع في الصيدليات».
وصنف الحليب الجديد المقصود هنا هو حليب «نتروبيبي» والذي يباع بسعر 17200 ليرة، ويوزّع على شكل حصص أيضاً للصيدليات، أي إنّه متوافر، ولكن بكميات قليلة عاجزة عن كفاية حاجة السوق المحلية!

الأسعار في خطّ بياني متصاعد

اللافت في التصريح أيضاً أنّه قال: «لا يوجد رفع في أسعار الحليب التي تباع حالياً في الصيدليات وهي تباع وفق التسعيرة المحددة من وزارة الصحة».
فبعد التصريح بأيام قليلة أعلن عن ارتفاع في سعر حليب S26 ليصبح 21 ألف ليرة بدلاً من 19 ألفاً!
والواقع يقول بأنّ ندرة الحليب جعلت بعض الصيادلة يعملون بمنطق تجّار الأزمة، حيثُ يتم بيع بعض أنواع الحليب المقطوعة كحليب نان بأسعار عالية تصل إلى 25 ألف ليرة وأكثر للعلبة الواحدة!
وفيما يتعلّق بالدواء المستورد لفت وضيحي إلى وجود بعض الأصناف المقطوعة ولكن «هذا لا يؤدي إلى مشكلة حتى الآن»، بحسب تعبيره، علماً أنّ جزءاً من هذه الأدوية يستخدم لمرضى السرطان، وجزء آخر منها يعتبر متمّماً غذائياً، ولكنّه ضروري لبعض المرضى الذين يعانون من هشاشة في العظام وغيرها، ولا يجدون بدائل وطنية مكافئة بالجودة للدواء الأجنبي!
«الدواء الوطني متوافر ولا يوجد مشكلة في ذلك»!
يقول أحد الصيادلة ردّاً على بعض العبارات الصادرة في تصريح عضو النقابة: من المعيب بحقّ أن تتغافل النقابة التي تدّعي تمثيلنا عن وقائع تعمي البصر لشدّة وضوحها!
فالدواء الوطني مستمر في سلسلة (انقطاع – غلاء أسعار – توافر ثم انقطاع من جديد) والجدير بالذكر أنّ بعض الأدوية تمر في الحلقة الأولى دون أن تكملها، أيّ إنها تبقى مقطوعة أو مقنّنة إلى أجل غير معروف!
فدواء الغدة على سبيل المثال (التروكسين 100) يصل إلى الصيدليات حوالي علبتين منه في الأسبوع وأحياناً كثيرة لا يصل منه شيء. وينطبق الأمر على أدوية كثيرة مشابهة تستخدم للمرضى المزمنين.

واقع سيئ للصيادلة

تحدّث عضو النقابة أيضاً حول واقع الصيادلة، مشيراً إلى دراسات تُجرى من أجل «تخفيض الضريبة على الصيادلة ما بين 8 إلى 12 بالمئة بدلاً من 14 أو 15 بالمئة»، ولكن بالمقابل «تتم دراسة أيضاً لرفع الحد الأدنى المعفى من الضريبة باعتبار أن الحد الأدنى حالياً هو 50 ألف ليرة».
وأشار أيضاً إلى مشكلة خدمة الريف التي تجول وتصول كثيراً في تصريحات المسؤولين في النقابة دون نتيجة تذكر، وكان الاقتراح هذه المرة «بأن يكون في الصيدلية الواحدة في الريف أكثر من صيدلاني» وذلك بعد اقتراح آخر جرى الحديث عنه منذ فترة بالسماح للصيادلة بأداء خدمة الريف داخل المدن أيضاً، على اعتبار أن الأرياف اكتظّت بالصيدليات وأعداد خريجي الصيدلة سواء من الجامعات الحكومية أو الخاصة في تزايد مستمر.
وينتهي تصريح عضو النقابة للوطن بخبر «سارّ» للصيادلة وهو زيادة الراتب التقاعدي لهم ليصل إلى 70 ألف ليرة!

دور هزيل للنقابات

توضح النقاط التي تمّت الإشارة إليها من تصريح عضو مجلس النقابة الدور الهزيل الذي تلعبه النقابة في النظر إلى المشكلات (أو بالأحرى التعامي عن جزء منها) وإيجاد الحلول لها، وهذا طبيعيّ ومفهوم في ظلّ ما تعانيه المؤسسات من ضعف عام في القدرة على إدارة الأمور وتوجيهها مضافاً إلى ذلك الفساد العميق المتجذّر فيها!
فالنقابات التي أنشئت بهدف تحقيق مصالح أصحاب المهن تحوّلت في معظمها إلى مراكز جباية، وكلّ الوعود حول تحسين واقع المهنة بقيت حبراً على ورق!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1099