دير الزور.. المدارس تئن من البرد وأشياء أخرى

دير الزور.. المدارس تئن من البرد وأشياء أخرى

عانت وما زالت تعاني العملية التعليمية في دير الزور وريفها من التراجع الكبير بسبب السياسات التربوية والتعليمية، وجاءت ظروف الأزمة والخراب والتدمير الذي لحق بالمدارس، وتهجير الأهالي، لتضاعف ذلك مرات ومرات، سواء من حيث المستوى التعليمي، أو التسرب وحرمان عشرات الآلاف من التعليم، أو من النقص الحاد بالكادر التعليمي والتدريسي، وخاصة في الريف.

وما زالت غالبية المدارس إما مدمرة أو مخربة وبلا أبواب وبلا شبابيك وبلا أسوار، وهذا هو الواقع رغم الطنطنة الإعلامية كلما جرى افتتاح مدرسة ما!
فالتطنيش والإهمال مستمران رغم المطالبات العديدة من الأهالي، ومن المعلمين أبناء الريف، ومن المعلمين من أبناء المدينة المعينين في بعض المدارس التي جرى افتتاحها مؤخراً!

مدارس جرداء

في زيارة لثانوية وإعدادية قطعة البوليل في ريف دير الزور الشرقي- البلدة التابعة لناحية موحسن والتي تبعد حوالي 40 كم عن المدينة- تبين أن الثانوية والإعدادية على العظم كما يُقال، أي بلا أبواب وبلا شبابيك، وخاصة مع قدوم فصل الشتاء، وكذلك لا توجد مدافئ، وهناك نقص في مستلزمات العملية التعليمية والتربوية الأساسية، كالكتب والكادر التعليمي والتدريسي، بل ولا توجد وسائل تعليمية، بينما تتحفنا وزارة التربية ومديرياتها بقوانين وقرارات تتحدث عن عالم خيالي من التعليم!

معاناة المعلمين

نتيجة تهجير سكان الريف عموماً، تعاني المدارس من نقصٍ كبير في الكادر التعليمي والتدريسي، سواء من حيث العدد أو الكفاءة!
فغالبية معلمي ثانوية وإعدادية القطعة من أبناء المدينة، وغالبيتهم ممن جرى تثبيتهم منذ سنتين، وهذا بالطبع يؤثر على مستوى التعليم فيهما، كما أن معاناة هؤلاء المعلمين القادمين من المدينة كبيرة، حيث يدفعون 60 ألف ليرة أجور نقل في ذهابهم وعودتهم، أي أكثر من نصف راتبهم الشهري، ناهيك عن المعاناة من السفر والعودة والوقت الذي يستغرقه ذلك، فيخرجون من منازلهم والدنيا ظلام ويعودون لها والدنيا ظلام، بسبب عدم تطبيق التوقيت الشتوي، وخاصة أن الطرقات لا تقل سوءاً عن وضع المدارس.
بالإضافة لذلك، هناك معلمون من أبناء الريف معينون في المدينة ويريدون التبادل مع زملائهم من أبناء المدينة المعينين في الريف، لكن البيروقراطية والروتين والفساد يعيقان ذلك!

أسئلة وأجوبة

عندما توجه مراسل قاسيون بالسؤال إلى أحد معلمي الثانوية: هل وضعتم مديرية التربية بالصورة، وهل طالبتم بحل مشاكلكم وتوفير مستلزماتكم؟
فأجاب: لقد تمت مراسلة مديرية التربية عدة مرات لكن لا أحد يُجيب!
وفي سؤالٍ آخر: لماذا لم تطلبوا مساعدة الأهالي وتجمعون مبالغ لترميم المدرسة، وتأمين بعض المستلزمات كالمدافئ والمازوت كعملٍ أهلي وتطوعي؟
فأجاب: لا أحد يستطيع جمع أي مبلغ، لأن في ذلك ملاحقة قانونية وأمنية، وربما يتهموننا بالفساد، بينما الفساد الكبير يلتهم الأخضر واليابس علناً، وإذا بقيت الأمور على حالها لن نجد طلاباً وتلاميذاً ولا معلمين، أي تنتهي العملية التعليمية والتربوية، وفي هذا تدمير أكبر للأجيال لا يقل سوءاً عن تدميرها خلال السنوات الأولى من الأزمة وهيمنة التكفيريين والمسلحين، الذين كانوا يمنعون التعليم في الريف، ويفرضون تعلميهم التكفيري، وكانوا يمنعون الطلاب والتلاميذ من الذهاب إلى المدينة للتّعلم، أو أداء امتحاناتهم الإعدادية والثانوية، والآن يجري تدمير العملية التربوية والتعليمية لكن بطريقة أخرى.. لذلك نرجو أن تنقلوا معاناتنا، لعل أحداً من الجهات المسؤولة يلتفت لنا؟!
لا شك أن واقع معاناة إعدادية وثانوية ومعلمي قطعة البوليل يشابه واقع كافة مدارس ريف دير الزور ومعلميها الواقع تحت سيطرة الدولة، وإن اختلفت النسب قليلاً، وسبق أن نشرت قاسيون واقع المدارس في مدينة البوكمال في الريف الشرقي لمدينة دير الزور، فكيف بالمناطق التي خارج هذه السيطرة؟!
قاسيون، إذ تنقل معاناة ثانوية قطعة وإعدادية البوليل ومعلميها، ومدارس ومعلمي الريف عموماً، فهي تؤكد ضرورة إعادة تأهيل المدارس وتوفير مستلزماتها والاستجابة لمطالب المعلمين لتخفيف معاناتهم، وهذه ليست مهمة تربوية وتعليمية فقط، بل مهمة وطنية تصب في مصلحة الشعب والوطن.
برسم وزارة التربية- مديرية تربية دير الزور

معلومات إضافية

العدد رقم:
1099