السجل التجاري والحياة الكريمة للشباب!
تم عقد اجتماع بتاريخ 1/11/2022 برئاسة وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وبحضور ممثلين عن وزارة الإدارة المحلية والبيئة واتحاد غرف التجارة السورية، إضافة إلى مديرية الشركات في الوزارة، حيث ناقش الأمور المتعلقة بالمهن الفكرية التي سيتم منحها سجلاً تجارياً بعد حصولها على الترخيص من الوحدات الإدارية المعنية لممارسة هذه المهن من المنازل السكنية دون اشتراط انتساب أصحابها إلى غرف التجارة.
وبحسب وكالة سانا: «أكد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك أهمية ضبط عملية تصنيف المهن الفكرية وتوصيفها بشكل دقيق لتكون قابلة للحصول على الترخيص الإداري من الوحدات الإدارية والتفريق بينها وبين المهن الحرفية وتبسيط إجراءاتها. ولفت إلى حرص الوزارة على دعم الشباب أصحاب المهن الفكرية والحفاظ على الشباب المبدع وتمكينهم من الإنتاج بما يضمن لهم حياة كريمة ويغنيهم عن السفر خارج الوطن لتأمين مستقبلهم».
فما علاقة الترخيص الإداري والسجل التجاري لأصحاب المهن الفكرية بالحياة الكريمة للشباب لتغنيهم عن السفر خارج الوطن لتأمين مستقبلهم؟
ليست بعيدة عن الغايات الضريبية وغيرها!
ربما من الهام العمل على تصنيف وتوصيف المهن الفكرية، وهو ما تم طرحه مراراً وتكراراً خلال السنين الماضية، وخاصة مع دخول أنواع جديدة من المهن تندرج ضمن إطار المهن الفكرية.
وقد أكد مدير الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بحسب ما نقلته إحدى وسائل الإعلام، أن «الجداول ستصدر خلال أيام فقط بالتنسيق مع اتحاد غرف التجارة والإدارة المحلية المعنية بمنح التراخيص الإدارية، وستشمل التصاميم الهندسية والبرامج المحاسبية والرسم والتسويق الإلكتروني والصحافة وغيرها الكثير».
وكذلك أوضح مدير الشركات أن «منح السجلات لأصحاب المهن الفكرية موجه لدعم رواد الأعمال غير القادرين على امتلاك عقار تجاري لتأدية عملهم، حيث سيمنحون سجلات تجارية على عقارات سكنية، دون ضرورة لتحويل صفة العقار إلى تجاري».
وإذا كان سيتم استثناء أصحاب السجلات التجارية الجديدة المشمولين بالتصنيف ضمن المهن الفكرية من الانتساب إلى غرف التجارة، فإن ذلك قد لا يعفيهم من التكليف الضريبي!
وقد أشار مدير الشركات إلى ذلك بقوله: «بالنسبة للضرائب التي ستترتب على أصحاب هذه المهن فلا تزال على طاولة النقاش مع وزارة المالية للنظر بإمكانية الإعفاءات المتاحة».
فالتكليف الضريبي سيشمل هذه المهن استناداً للترخيص الإداري والسجل التجاري بحسب القوانين والتعليمات النافذة، ويبقى أمر «الإعفاءات المتاحة» متروكاً بيد وزارة المالية!
ولعل من أسباب العزوف عن الحصول على التراخيص الإدارية لممارسة الأعمال والمهن (الفكرية وغيرها) ليس الإعاقات والصعوبات في ذلك فقط، بل التكاليف المرتفعة المترتبة عليها، والتي لا تقف عند حدود التكليف الضريبي أيضاً، بل الكثير من النفقات الأخرى (النظامية المعروفة وغير النظامية لكنها معروفة ومستورة)!
السجل التجاري والدعم وانعدام الثقة!
بهذا الصدد ربما تجدر الإشارة إلى أن الحاصلين على السجل التجاري كانوا من ضمن قوائم المستبعدين من الدعم كشريحة، وذلك من ضمن الإجراءات التي تم اتباعها تحت عنوان «توجيه الدعم لمستحقيه»، ثم تم تقليص ذلك على أصحاب السجل من الدرجة الأولى فقط، وذلك بعد تسجيل الاعتراضات على هذا الإجراء، وبعد أن أوقف الكثيرين سجلاتهم من أجل الاستمرار بالحصول على الدعم، على قلته وبرغم استمرار إجراءات التخفيض عليه!
وبحسب بعض العاملين في المهن الفكرية، وغالبية هؤلاء وخاصة الشباب، يمكن اعتبارهم من الفئة المسحوقة والمستغلة (داخلاً وخارجاً)، فلا ثقة ولا ضمانة، حتى على مستوى الاستثناءات الممنوحة الآن، سواء بما يخص العقار وعدم تحويله إلى تجاري، وما يترتب على ذلك من ضرائب ورسوم، بما في ذلك استجرار الطاقة الكهربائية، أو بما يخص السجل التجاري بمعزل عن التسجيل في غرف التجارة، أو بما يخص التكليف الضريبي اللاحق!
وبحسب هؤلاء فلا مقدمات كافية للثقة بالإجراءات والسياسات الحكومية في ظل الإستراتيجيات المعمول بها، وخاصة ما يتعلق بزيادة الإيرادات من جيوب الغالبية المفقرة، فبجرة قلم حكومية من الممكن بسهولة تكبيدنا ما لا طاقة لنا به من رسوم وضرائب، وغيرها من النفقات نهباً واستغلالاً وابتزازاً!
الحياة الكريمة في واد آخر!
أن يتم تبويب وتوصيف المهن الفكرية، مع منحها بعض الاستثناءات لتسهيل عملها وضبطها، وحتى أن يتم تكليف أصحابها بالضرائب المستحقة، كل ذلك مطلوب، أما أن يتم زج عبارات الحياة الكريمة والاستغناء عن السفر في معرض النقاش حول العناوين أعلاه، مع استثناءاتها الموعودة، فهو شكل جديد من المزاودة على ممارسي هذه المهن!
فالتوصيف والتصنيف للمهن الفكرية مع ما يترتب على ذلك من رسوم وضرائب في واد، والحياة الكريمة في واد آخر تماماً!
فالجميع يعلم أن الحياة الكريمة والاستغناء عن السفر لتأمين المستقبل، وخاصة بالنسبة للشباب، لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بموضوع السجل التجاري أو غيره، كما لا علاقة لها بنوع وتصنيف وتوصيف المهنة، سواء كانت فكرية أو حرفية أو إنتاجية (زراعية او صناعية)!
فالحياة الكريمة معروفة شروطها ضمن الحدود الدنيا، والتي تتمحور حول الحقوق الطبيعية الأساسية من مأكل وملبس ومسكن، والتي تم التضحية بها، مع الكثير غيرها من الحقوق والمكتسبات، كقرابين على مذبح السياسات الليبرالية الطبقية المعمول بها منذ عقود، والمستمرة بجرعات متزايدة من الاستغلال والنهب والفساد والإفساد، وصولاً إلى حال التطفيش من البلد لكل من استطاع إلى ذلك سبيلاً، ومن كافة المهن والأعمار والأجناس.
فبالله عليكم كفاكم مزاودات، مع مزيد من المنيات، من جيوبنا وعلى حساب حياتنا وأعمارنا!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1095