جوازات السفر مجدّداً... تسديد مسبق دون موعد محدد!
رند الحسين رند الحسين

جوازات السفر مجدّداً... تسديد مسبق دون موعد محدد!

في ظلّ الأزمات المتتالية التي يعيشها المواطن السوري، تعود أزمة جواز السفر السوري للظهور مجدّداً، لكن بحلّة جديدة هذه المرة!

فقد أطلقت وزارة الداخلية بالتعاون مع وزارة الاتصالات والتقانة خدمة (تحميل الأوراق الرسمية اللازمة لإصدار جواز السفر) وتسديد رسومه إلكترونياً، محدّدةً مهلة عشرة أيام لاستكمال الأوراق والدفع، بعد تثبيت الحجز على البوابة، ويعتبر الحجز السابق بعد هذه الفترة المحدودة ملغىً في حال عدم استكمال الأوراق خلالها.
قبل الغوص في تفاصيل العملية لا بدّ من الإشارة إلى أنّ القرار صدر في السابع من شهر تموز الحالي ولكن تمّ الإعلان عنه في الحادي عشر منه! وخلال المدة الفاصلة بينهما كان قد جرى تسريب القرار عبر منشوراتٍ على منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك، أشارت هذه المنشورات إلى أنّ مدة التثبيت تمتد في الفترة بين 7 إلى 17 الشهر، ثم أصدرت وزارة الداخلية مؤخراً قرار تمديد تثبيت التسجيل حتى 23 من الشهر الحالي.

الحجوزات السابقة في مهبّ الريح

بدأ مسلسل الحجز الإلكتروني لجواز السفر في تشرين الثاني من العام الماضي، في محاولةٍ لحلّ أزمة الازدحام الشديد على أبواب مديريات الهجرة والجوازات في المحافظات، فتحوّل الازدحام من فيزيائي إلى افتراضي!
ولم يمضِ ثلاثة أشهر على إصدار المنصة الإلكترونية للحجز حتى باتت عملية الحجز عمليةً صعبة بسبب تحديد وقتٍ قصيرٍ جداً لا يتجاوز الدقيقتين يومياً، ممّا فتح الباب مشرّعاً للفساد عبر دفع مبالغ مالية كبيرة مقابل الحصول على دورٍ في المنصة.
في الشهر الماضي، وخلال يومين فقط، تمّ فتح التسجيل عبر المنصة حتى وصلت الحجوزات إلى أواخر عام 2024، جرى بعدها إصدار قرارٍ بإمكانية الحصول على جوازٍ مستعجل عبر دفع مبلغ قدره 300 ألف ليرة سورية.
وصولاً إلى القرار الأخير بإنشاء بوابةٍ لتثبيت الحجوزات السابقة واستكمال الأوراق، ما يضع جميع الحجوزات السابقة على المنصة في مهبّ الريح، مع إمكانية وصول الدور حتى على البوابة المنشأة حديثاً إلى عام 2024 أيضاً، مع فارق أنّ الرسوم مسدّدة مسبقاً.

تفاصيل كثيرة وغموضٌ يلّف العملية

منذ إصدار القرار والناس يتساءلون عن كيفية السير بهذه «المعاملة الإلكترونية»، إلى درجة إنشاء مجموعات وقنوات يوتيوب مخصّصة لشرح العملية، ورغم ذلك لا تزال مواعيد التسليم الدقيقة رهن إشارات الاستفهام.
إذ كثر الحديث عن احتمال تسليم الجوازات بمواعيد مغايرة للمواعيد المحجوزة مسبقاً على المنصّة، خصوصاً لمن كانت حجوزاتهم في العام 2024، دون إمكانية التأكد من الدور النهائي، أي إنّ المسجلين سيدفعون سلفاً مع مهلة انتظار طويلة وغير محدّدة!
أما الأكثر دهشة فهي المدة المحدودة التي منحت لاستكمال تحميل الأوراق والتسديد لكل من كان قد حجز دوراً مسبقاً عبر المنصة السابقة، وهؤلاء بعشرات الآلاف، إن لم نقل بمئات الآلاف، فالمنصة الجديدة بالنسبة للمسجلين السابقين، مع هذه المهلة الزمنية الضيقة، 10 أو 20 يوماً، ما هي إلا عملية فلترة إلكترونية ستستبعد كل من لم يسعفه عامل الزمن باستكمال المطلوب!

بوابات نهب واستغلال جديدة

لا تتوانى الحكومة عن إبهارنا دائماً بطرق ووسائل جديدة تعبر من خلالها آليات الفساد وشبكات استغلال الأزمات!
فالبوابة الجديدة المخصّصة لتثبيت الحجوزات السابقة وتسجيل الحجوزات الجديدة، تعتبر منصة محدثة تقنياً، مع تبويباتها وتفرعاتها وخدماتها الإلكترونية، لكنها بالمقابل تعتبر بوابة استغلال ونهبٍ إضافية، إذ يستوجب تثبيت الحجز دفع 1200 ليرة مقابل كلّ جواز، إضافةً لرسم الجواز نفسه والبالغ 63500 ليرة، ولا يمكن أن تتم عملية الدفع إلا عبر إنشاء حسابٍ بنكيّ أو عبر تحميل تطبيقات مخصّصة لدفع الرسوم والفواتير بالتعاون مع شركتي الاتصالات سيريتيل وإم تي إن، وهذه العملية طبعاً لقاء بدل خدمات ستستفيد منه هذه الجهات كمقدمي خدمات، بالإضافة إلى ذلك اشتراط تحميل الوثائق من خلال «السكانر»، أي الاضطرار للجوء إلى خدمات بعض المكاتب المختصة من أجل القيام بهذه الخدمة، وطبعاً لقاء بدل خدمة غير محدد أيضاً، ولا ننس طبعاً فتح باب الحصول على الجواز المستعجل بكلفته المرتفعة، ناهيك عن الإجراءات الكثيرة وغير الواضحة التي قد تستوجب دفع مبالغ هنا وهناك.
بكل اختصار الأزمة مستمرة، وما سيجرى عملياً عبر المنصة الإلكترونية الجديدة هو استبعاد الكثيرين ممن سبق أن سجل عبر المنصة السابقة، مع ضمان تسديدات مسبقة من كل المسجلين عبر المنصة الجديدة، دون تحديد مواعيد واضحة لاستلام الجواز الموعود، وفوق كل ذلك هناك مصاريف ونفقات إضافية لقاء بعض الخدمات ذات الطبيعة الإلكترونية ستستفيد منها بعض الجهات الخدمية، وكل ذلك لن يمنع بوابات الفساد القادرة على ليّ عنق الذكاء طبعاً!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1079