العاملون في الدولة ومناسبات البؤس
فتحت السورية للتجارة باب التقسيط للمواد الغذائية المتوفرة في المؤسسة للعاملين في الجهات العامة، بسقف 500 ألف ليرة بدون فائدة، وبمدة تقسيط 12 شهراً، وذلك بمناسبة حلول شهر رمضان.
المؤسسة وعبر صفحتها الرسمية أطلقت على عملية التقسيط للغذائيات تسمية «قرض رمضان»، وربما في ذلك إشارة واضحة إلى أن العاملين في الدولة، وبحسب الأجور الهزيلة التي يتقاضوها، عاجزين عن تأمين المتطلبات الغذائية لهذا الشهر «الكريم»، وبأن هذه المتطلبات الغذائية تحتاج بالحد الأدنى إلى هذا المبلغ!
مؤشرات رقمية عن مناسبات البؤس
عكفت السورية للتجارة خلال السنوات الماضية على استثمار آليات البيع بالتقسيط للعاملين في الدولة تحت يافطات المناسبات، ولعل مراجعة لهذه المناسبات خلال أعوام 2020-2021-2022 وسقوف القروض الممنوحة خلالها من قبل المؤسسة تسلط بعض الضوء على ما آل إليه وضع العاملين في الدولة خلال هذه السنين من بؤس متزايد!
ففي عام 2020، وبمناسبة عيد الأضحى، فتحت المؤسسة باب التقسيط للعاملين في الدولة بسقف 150 ألف ليرة دون فوائد ولمدة 12 شهراً، وذلك للمواد الغذائية وغير الغذائية، أي بقسط شهري 12500 ليرة، وهو يعادل 40% من وسطي الأجر في حينه.
وفي عام 2021، وبمناسبة عيد المعلم وعيد الأم، فتحت المؤسسة باب التقسيط للعاملين في الدولة بسقف 300 ألف ليرة دون فوائد ولمدة 12 شهراً أيضاً، ولكافة السلع والمواد لديها، أي بقسط شهري 25000 ليرة، ما يعادل 40% من وسطي الأجر عندها.
وفي هذا العام وبمناسبة شهر رمضان كان سقف التقسيط 500 ألف ليرة وللمواد الغذائية فقط، أي بقسط شهري 42000 ليرة، وهو ما يعادل 40% من وسطي الأجور الحالي.
المؤشرات أعلاه تُعبّر بشكل مكثف عن واقع متغيرات أجور العاملين خلال هذه الأعوام، وعن واقع مسيرة عجزهم عن تأمين احتياجاتهم بموجبها!
فهل من بؤس أشد من أن يكون وسطي الأجر بحدود 100 ألف ليرة، بينما تكاليف الغذاء لوحدها خلال الشهر لا يغطيها مبلغ 500 ألف ليرة بالحد الأدنى؟!
مناسبة تربح وتسويق ليس إلا!
مناسبات البؤس السنوية، بعد غياب فرحتها وبهجتها منذ سنوات، تعتبر فرصة للتجار من أجل جني المزيد من الأرباح الاستغلالية من جيوب العباد، كذلك هي مناسبة وفرصة للسورية للتجارة للتربح على حساب العاملين، ولتسويق موادها وسلعها، بما فيها الراكد منها، التي هي بالأصل مواد وسلع التجار والموردين، بغض النظر عن كيفية شرائها من قبل المؤسسة، شراءً قطعياً أو عبر البيع بالأمانة، بالإضافة إلى كون أسعار السورية للتجارة لبعض المواد والسلع الغذائية تعتبر أعلى من أسعار شبيهاتها في السوق، ناهيك عما يمكن أن يقال عن نوعيتها ومواصفتها!
فالأرباح المحققة للسورية للتجارة جرّاء البيع بالتقسيط للعاملين في الدولة، بهذه المناسبة «الفرصة» أو بغيرها، سيتم تقاسمها فيما بينها وبين الموردين بحسب نسب وهوامش الربح المعمول بها من قبلها، وإن لم تتقاضَ فوائد من العاملين لقاء عملية التقسيط تلك.
وبكل اختصار، وبعيداً عن بريق وبهرجة عملية التقسيط المعلن عنها، فإن المستفيد من هذه العملية أولاً وآخراً هم بعض حيتان السوق من التجار.
فالعامل المعتّر في الجهات العامة، الذي لن تُشبع أسرته الغذائيات المسقوفة بمبلغ 500 ألف ليرة، سيستمر بتسديد مصروف غذاء هذا الشهر على مدار عام كامل!
وطبعاً كل ذلك معروف ومدرك من الحكومة، لكن أذنها طين والأخرى عجين!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1063