الحفاظ على الصحة العامة وأوجه الفساد
أصدرت وزارة الداخلية، بتاريخ 22/3/2022، تعميماً إلى جهاتها التابعة يتضمن الامتناع عن استقبال المراجعين من المواطنين، اعتباراً من تاريخ 23/4/2022، في حال عدم حملهم بطاقة تشعر بتلقيهم اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد، أو نتيجة اختبار الـ pcr لم يمضِ على إجرائه 96 ساعة، بالإضافة إلى إبلاغ جميع العاملين الذين لم يتلقوا اللقاح المضاد للفيروس بالمبادرة إلى مراجعة إدارة الخدمات الطبية لتلقي اللقاح خلال مدة 15 يوماً.
التعميم أعلاه صدر استناداً لتوجيهات الحكومة بجلستها المؤرخة في 22/3/2022، والتي أقرت خلالها ما يلي: «وفي ملف اللقاح المضاد لفيروس كورونا، وحرصاً على اتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها ضمان السلامة العامة، فقد منح المجلس مهلة محددة لكافة العاملين في الدولة للمبادرة إلى تلقي اللقاح أو إبراز وثيقة رسمية تبين أن العامل غير مصاب بالفيـروس، حرصاً على عدم نقل العدوى إلى المؤسسات والجهات العامة، كما طلب من جميع الوزارات العمل مع وزارة الصحة للانتهاء من إعطاء اللقــاح للعاملين في الجهات العامة بالسرعة القصوى بما يسهم بكسر حلقة العدوى ويحقق السلامة العامة».
نسبة متلقي اللقاح محدودة
التعميم والتوجيه أعلاه تبدو مبررات مضامينها مشروعة صحياً، فحسب وكالة سانا بتاريخ 23/3/2022، نقلاً عن مديرة الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة الدكتورة رزان الطرابيشي: « وصل عدد الأشخاص الذين تلقوا اللقاح ضد فيروس كورونا بشكل كامل إلى مليون ومئة ألف شخص، بينما تجاوز عدد من تلقوا الجرعة الأولى مليوناً وتسعمئة ألف، والأشخاص الذين تلقوا جرعة داعمة معززة أكثر من سبعة آلاف شخص».
فالأرقام أعلاه تبدو ضئيلة كنسبة وتناسب على المستوى الكلي مقارنة مع تعداد السكان، على الرغم من مضي فترة زمنية طويلة على البدء بحملات التلقيح ضد الفيروس.
المدة المحدودة والصعوبات
بالمقابل فإن المدة المحددة أعلاه، سواء بالنسبة لمراجعي الجهات العامة من المواطنين، والتي تنتهي بعد شهر من الآن، أو المدة الممنوحة للعاملين لتلقي اللقاح والمحددة بـ15 يوماً، فإنها تعتبر محدودة، ناهيك عمّا يتضمنه التعميم من إلزام مباشر باللقاح للمواطنين، وإلا فلن يتمكن هؤلاء من إجراء أية معاملة رسمية لعدم قدرتهم على دخول دوائر وزارة الداخلية وفقاً لمضمونه، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه من الممكن أن يصدر مثل هذا التعميم بمضمونه من قبل وزارات أخرى، ما يعني مزيداً من الصعوبات في مراجعة الدوائر الحكومية بالنسبة للمواطنين ومعاملاتهم.
كذلك فإن هذا يعني أيضاً المزيد من الازدحام على مراكز إعطاء اللقاح خلال هذه المدة المحدودة، ممّا يخلّ أصلاً بالإجراءات المتّبعة للوقاية من الإصابة بالعدوى!
الاستغلال وأوجه الفساد
التعميم أعلاه، وضمن الخطة الزمنية الموضوعة لتنفيذه، قد يفتح باب فساد جديد يمكن الاعتماد عليه كمصدرٍ جيّد للنهب، إذ ليس مستبعداً أبداً أن يتم تزوير بطاقات اللقاح وبيعها مقابل مبلغ ماليّ جيد، من دون الحصول على اللقاح فعلياً، أيّ تحويل الموضوع برمّته إلى سوق سوداء «صحيّة» تُضاف إلى مول الأسواق السوداء المفتوحة على جميع الأزمات التي تمّس حياة الناس بشكلٍ مباشر، وهذا ليس مستغرباً، فقد سبق أن أُعلن في محافظة طرطوس عن وجود حالات خلل وتزوير بمنح بطاقات لقاح كورونا، حيث يتم دفع مبالغ مالية للحصول على البطاقة دون أخذ اللقاح!
فقدان الثقة
يرى البعض أن الفساد الذي استفحل استغلالاً لأزمة كورونا، ابتداءً من انقطاع الأدوية، وليس انتهاءً بفحوصات الـ pcr وأخيراً الإلزام بالحصول على بطاقة لقاح، أدى إلى فقدَ جزءٍ كبير منهم ثقتهم في أهمية اللقاح، أو في جدواه، إضافةً طبعاً إلى ما يُنشر ضمن منصّات التواصل الاجتماعي من شائعات وخلط للمعلومات بين الصحيح منها والخاطئ.
وقد قال أحد المواطنين تعقيباً على الخبر: «طيب إذا خايفين علينا من كورونا.. خافوا علينا من ارتفاع الأسعار وقلة العمل.. المواطن ما عاد تهمّه الحياة وقت يكون عاجز عن تأمين قوت أبنائه»!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1063